|
١١ قوله تعالى: {رَضِيّاً يٰزَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشّرُكَ} في الكلام إضمار، تقديره: فاستجاب اللّه له فقال: يا زكريا إنا نبشرك. وقرأ حمزة: نبشرك بالتخفيف. وقد شرحنا هذا في [آل عمران: ٣٩]. قوله تعالى: {لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً} فيه ثلاثة أقوال. احدها: لم يسم يحيى قبله، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وقتادة، وابن زيد، والأكثرون. إن اعترض معترض، فقال: ما وجه المدحة باسم لم يسم به أحد قبله، ونرى كثيرا من الأسماء لم يسبق اليها؟ فالجواب: أن وجه الفضيلة أن اللّه تعالى تولى تسميته، ولم يكل ذلك إلى أبويه، فسماه باسم لم يسبق اليه. والثاني: لم تلد العواقر مثله ولداً، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. فعلى هذا يكون المعنى: لم نجعل له نظيراً. والثالث: لم نجعل له من قبل مثلا وشبها، قاله مجاهد. فعلى هذا يكون عدم الشبه من حيث أنه لم يعص ولم يهم بمعصية. وما بعد هذا مفسر في [آل عمران: ٣٩] إلى قوله: {وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِى عَاقِرًا}. وفي معنى كانت قولان. احدهما: انه توكيد للكلام، فالمعنى: وهي عاقر، كقوله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: ١١٠] أي: أنتم. والثاني: أنها كانت منذ كانت عاقرا، لم يحدث ذلك بها، ذكرهما ابن الأنباري، واختار الأول. قوله تعالى: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ ٱلْكِبَرِ عِتِيّاً} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وابو بكر عن عاصم: عتيا وبكيا [مريم: ٥٨] وصليا [مريم: ٧٠] بضم أوائلها. وقرأ حمزة، والكسائي، بكسر أوائلها، وافقهما حفص عن عاصم، إلا في قوله: بكيا فانه ضم أوله. وقرأ ابن عباس،ومجاهد: عسيا بالسين قال مجاهد: عتيا هو قحول العظم. وقال ابن قتيبة: أي يبسا؛ يقال: عتا وعسا بمعنى واحد. قال الزجاج: كل شيء انتهى، فقد عتا يعتوعتياً، وعتواً، وعسواً، وعسياً. قوله تعالى: {قَالَ كَذٰلِكَ} أي: الأمر كما قيل لك من هبة الولد على الكبر {قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ} أي: خلق يحيى علي سهل. معاذ القارىء، وعاصم الجحدري: هين بإسكان الياء. {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ} أي: أوجدتك. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: خلقتك. وقرأ حمزة، والكسائي: خلقناك بالنون والألف. {وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} المعنى: فخلق الولد، كخلقك. وما بعد هذا مفسر في [آل عمران: ٣٩] إلى قوله: {ثَلَـٰثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} قال الزجاج: سويا منصوب على الحال، والمعنى: تمنع عن الكلام وأنت سوي. قال ابن قتيبة: أي: سليما غير أخرس. قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ} وهذا في صبيحة الليلة التي حملت فيها أمرأته {مِنَ ٱلْمِحْرَابِ} أي: من مصلاه وقد ذكرناه في [آل عمران: ٣٩]. قوله تعالى: {فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ} فيه قولان. احدهما: أنه كتب إليهم في كتاب، قاله ابن عباس. والثاني: أومأ برأسه ويديه، قاله مجاهد. قوله تعالى: {أَن سَبّحُواْ} أي: صلوا {بُكْرَةً وَعَشِيّاً} قد شرحناه في [آل عمران: ٣٩] والمعنى: أنه كان يخرج إلى قومه فيأمرهم بالصلاة بكرة وعشياً، فلما حملت امرأته أمرهم بالصلاة إشارة. |
﴿ ١١ ﴾