٧ قوله تعالى: {يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ} يعني: أهل مكة {إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مّنَ ٱلْبَعْثِ} أي: في شك من القيامة {فَإِنَّا خَلَقْنَـٰكُمْ مّن تُرَابٍ} يعني: خلق آدم {ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ} يعني: خلق ولده، والمعنى: إن شككتم في بعثكم فتدبروا أمر خلقكم وابتدائكم، فإنكم لا تجدون في القدرة فرقا بين الإبتداء والإعادة. فأما النطفة، فهي المني. والعلقة: دم عبيط جامد. وقيل سميت علقة لرطوبتها وتعلقها بما تمر به، فاذا جفت فليست علقةً. والمضغة: لحمة صغير. قال ابن قتيبة: وسميت بذلك، لأنه بقدر ما يمضغ، كما قيل: غرفة لقدر ما يغرف. قوله تعالى: {مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} فيه خمسة أقوال. احدها: أن المخلقة: ما خلق سويا، وغير المخلقة: ما ألقته الأرحام من النطف، وهو دم قبل أن يكون خلقا، قاله ابن مسعود. والثاني: أن المخلقة: ما أكمل خلقه بنفخ الروح فيه، وهو الذي يولد حيا لتمامٍ، وغير المخلقة: ما سقط غير حيٍ لم يكمل خلقه بنفح الروح فيه، هذا معنى قول ابن عباس. والثالث: أن المخلقة: المصورة، وغير المخلقة: غير مصورة، قاله الحسن. والرابع: أن المخلقة وغير المخلقة: السقط، تارة يسقط نطفة وعلقة، وتارة قد صور بعضه، وتارة قد صور كله، قاله السدي. والخامس: أن المخلقة: التامة، وغير المخلقة: السقط، قاله الفراء،وابن قتيبة. قوله تعالى: {لّنُبَيّنَ لَكُمْ} فيه أربعة أقوال. احدها: خلقناكم لنبين لكم ما تأتون وما تذرون. والثاني: لنبين لكم في القرآن بدو خلقكم، وتنقل أحوالكم. والثالث: لنبين لكم كمال حكمتنا وقدرتنا في تقليب أحوال خلقكم. والرابع: لنبين لكم أن البعث حق. وقرأ أبو عمران الجوني، وابن أبي عبلة ليبين لكم بالياء. قوله تعالى: {وَنُقِرُّ فِى ٱلاْرْحَامِ} وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء: ويقر بباء مرفوعة وفتح القاف ورفع الراء. وقرأ أبو الجوزاء، وأبو اسحاق السبيعي: ويقر بياء مرفوعة وبكسر القاف ونصب الراء. والذي يقر في الأرحام، هو الذي لا يكون سقطا، {إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى} وهو أجل الولادة {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} أبو عبيدة: هو في موضع أطفال والعرب قد تضع لفظ الواحد في معنى الجميع، قال اللّه تعالى: {وَالْمَلَـئِكَةُ بَعْدَ ذٰلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: ٤] أي: ظهراء، وأنشد: فقلنا أسلموا إنا أخوكم فقد برئت من الإحن الصدور وأنشد أيضا: في حلقكم عظم وقد شجينا وقال غيره: إنما قال طفلاً فوحد، لأن الميم في قوله تعالى: {نُخْرِجُكُمْ} قد دلت على الجميع، فلم يحتج إلى أن يقول: أطفالاً. قوله تعالى: {ثُمَّ لِتَـبْلُغُواْ} فيه إضمار، تقديره: ثم نعمركم لتبلغوا أشدكم، وقد سبق معنى الأشد [الأنعام: ١٥٣]، {وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ} من قبل بلوغ الأشد {وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ} وقد شرحناه في [النحل: ٧٠] ثم إن اللّه تعالى دلهم على إحيائه الموتى بإحيائه الأرض، فقال تعالى: {وَتَرَى ٱلاْرْضَ هَامِدَةً} قال ابن قتيبة: أي: ميتة يابسة، ومثله: همدت النار: إذا طفئت فذهبت. قوله تعالى: {فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَاء} يعني: المطر {ٱهْتَزَّتْ} أي: تحركت للنبات، وذلك أنها ترتفع عن النبات إذا ظهر، فهو معنى قوله تعالى: {وَرَبَتْ} أي: ارتفعت وزادت. وقال المبرد: أراد: اهتز نباتها وربا، فحذف المضاف. قال الفراء: وقرأ أبو جعفر المدني: وربأت بهمزة مفتوحة بعد الباء. فإن كان ذهب إلى الربيئة الذي يحرس القوم، أي: أنه يرتفع، وإلا، فهو غلط. قوله تعالى: {وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} قال ابن قتيبة: من كل جنس حسنٍ يبهج، أي: يسر، وهو فعيل في معنى فاعل. قوله تعالى: {ذٰلِكَ} قال الزجاج: المعنى: الأمر ذلك كما وصف لكم، والأجود أن يكون موضع ذلك رفعا، ويجوز أن يكون نصبا على معنى: فعل اللّه ذلك بأنه هو الحق. قوله تعالى: {وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ} أي: ولتعلموا أن الساعة {ءاتِيَةٌ}. |
﴿ ٧ ﴾