١٧

قوله تعالى: {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللّه فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلاْخِرَةِ} قال مقاتل: نزلت في نفر من أسد، وغطفان، قالوا إنا نخاف أن لا ينصر محمد، فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود، والى نحو هذا ذهب ابو حمزة الثمالي، والسدي. وحكى ابو سليمان الدمشقي أن الإشارة بهذه الآية إلى الذين انصرفوا عن الإسلام، لأن أرزاقهم ما اتسعت، وقد شرحنا القصة في قوله تعالى: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللّه عَلَىٰ حَرْفٍ}. وفي هاء ينصره قولان.

احدهما: أنها ترجع على من، والنصر: بمعنى الرزق، هذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء، وبه قال مجاهد. قال أبو عبيدة: وقف علينا سائل من بني بكر، فقال: من ينصرني نصره اللّه، أي: من يعطيني أعطاه اللّه، ويقال: نصر المطر أرض كذا، أي: جادها، وأحياها، قال الراعي: إذا أدبر الشهر الحرام فودعي  بلاد تميم وانصري أرض عامر

والثاني: أنها ترجع الى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فالمعنى: من كان يظن أن لن ينصر اللّه محمدا، رواه التميمي عن ابن عباس، وبه قال عطاء، وقتادة. قال ابن قتيبة: وهذه كناية عن غير مذكور، وكان قوم من المسلمين لشدة حنقهم على المشركين يستبطئون ما وعد اللّه رسوله من النصر، وآخرون من المشركين، يريدون اتباعه، ويخشون أن لا يتم أمره فقال هذه الآية للفريقين. ثم في معنى هذا النصر قولان.

احدهما: أنه الغلبة، قاله أبو صالح عن ابن عباس، والجمهور.

والثاني: أنه الرزق، حكاه أبو سليمان الدمشقي.

قوله تعالى: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَاء} في المراد بالسماء قولان.

احدهما: سقف بيته، والمعنى: فليشدد حبلاً في سقف بيته، فليختنق به

{ثُمَّ لْيَقْطَعْ} الحبل ليموت مختنقا، هذا قول الأكثرين. ومعنى الآية: ليصور هذا الأمر في نفسه لا أنه يفعله، لأنه إذا اختنق لا يمكنه النظر والعلم.

والثاني: أنها السماء المعروفة، والمعنى: فليقطع الوحي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن قدر، قاله ابن زيد.

قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْطَعْ} قرأ أبو عمرو، وابن عامر: ثم ليقطع ثم ليقضوا [الحج: ٢٩] بكسر اللام. زاد ابن عامر {وَلْيُوفُواْ} [الحج: ٢٩] {وَلْيَطَّوَّفُواْ} [الحج: ٢٩] بكسر اللام أيضا. وكسر ابن كثير لام ثم ليقضوا فحسب. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: بسكون هذه اللامات، وكذلك في كل القرآن إذا كان قبلها واو أو فاء أو ثم، قال الفراء: من سكن فقد خفف، وكل لام أمر وصلت بواو أو فاء، فأكثر كلام العرب تسكينها، وقد كسرها بعضهم. قال أبو علي: الأصل الكسر، لأنك إذا ابتدأت قلت: ليقم زيد.

قوله تعالى: {هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ} قال ابن قتيبة: المعنى: هل تذهبن حيلته غيظه، والمعنى: ليجهد جهده.

قوله تعالى: {وَكَذٰلِكَ} أي: ومثل ذلك الذي تقدم من آيات القرآن و{أَنزَلْنَـٰهُ} يعني: القرآن. وما بعد هذا ظاهر الى قوله تعالى: {إِنَّ ٱللّه يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} أي: يقضي {يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ} بينهم بإدخال المؤمنين الجنة، والآخرين النار

{إِنَّ ٱللّه عَـٰلِمُ كُلّ شَىْء} من أعمالهم {شَهِيدٌ}.

﴿ ١٧