|
١٠ قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰجَهُمْ} سبب نزولها أن هلال بن أمية وجد عند اهله رجلا، فرأى بعينه وسمع بأذنه، فلم يهجه حتى أصبح، فغدا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه: إني جئت أهلي فوجدت عندها رجلا، فرأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما جاء به، واشتد عليه، فقال سعد بن عبادة: الآن يضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هلالا، ويبطل شهادته، فقال هلال: واللّه إني لأرجو أن يجعل اللّه لي منها مخرجا، فواللّه إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه، إذ نزل عليه الوحي، فنزلت هذه الآية، رواه عكرمة عن ابن عباس. وفي حديث آخر، أن الرجل الذي قذفها به شريك بن سحماء، وأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لهلال حين قذفها: ائتني بأربعة شهداء وإلا فحدٌّ في ظهرك، فنزلت هذه الآية فنسخ حكم الجلد في حق الزوج القاذف.فصل في بيان حكم الآية.إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، لزمه الحد وله التخلص منه، باقامة البينة أو باللعان، فإن أقام البينة لزمها الحد، وإن لاعنها فقد حقق عليها الزنا ولها التخلص منه باللعان، فان نكل الزوج عن اللعان، فعليه حد القذف، وإن نكلت الزوجة لم تحد، وحبست حتى تلاعن أو تقر بالزنا في إحدى الروايتين، وفي الأخرى: يخلى سبيلها وقال أبو حنيفة: لا يحد واحد منهما، ويحبس حتى يلاعن. وقال مالك والشافعي يجب الحد على الناكل منهما. فصل ولا تصح الملاعنة إلا بحضرة الحاكم، فان كانت المرأة خَفِرةَ بعث الحاكم من يلاعن بينهما. وصفة اللعان أن يبدأ الزوج فيقول: أشهد باللّه إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا،أربع مرات، ثم يقول في الخامسة: ولعنة اللّه عليه إن كان من الكاذبين، ثم تقول الزوجة، أربع مرات؛ أشهد باللّه لقد كذب فيما رماني به من الزنا، ثم تقول: وغضب اللّه عليها إن كان من الصادقين. والسنة أن يتلاعنا قياما، ويقال للزوج إذا بلغ اللعنة. اتق اللّه فإنها الموجبة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وكذلك يقال للزوجة إذا بلغت إلى الغضب، فان كان بينهما ولد اقتصر نفيه عن الأب إلى ذكره في اللعان، فيزيد في الشهادة. وما هذا الولد ولدي وتزيد هي وإن هذا الولد ولده. فصل واختلف الفقهاء في الزوجين اللذين يجري بينهما اللعان، فالمشهور عن أحمد أن كل زوج صح قذفه صح لعانه، فيدخل تحت هذا المسلم والكافر والحر والعبد وكذلك المرأة، وهذا قول مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يجوز اللعان بين الحر والأمة، ولا بين العبد والحرة، ولا بين الذميين، أو إذا كان احدهما ذميا. ونقل حرب عن أحمد نحو هذا، والمذهب هو الأول ولا تختلف الرواية عن أحمد: أن فرقة اللعان لا تقع بلعان الزوج وحده، واختلف هل تقع بلعانهما من غير فرقة الحاكم على روايتين، وتحريم اللعان مؤبد، فإن أكذب الملاعن نفسه لم تحل له زوجته أيضا، وبه قال عمر وعلي وابن مسعود، وعن أحمد روايتان أصحهما: هذا والثانية يجتمعان بعد التكذيب، وهو قول أبي حنيفة. قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ} وقرأ أبو المتوكل وابن يعمروالنخعي {تَكُنْ} بالتاء. قوله تعالى: {فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم {أَرْبَعُ} بفتح العين. وقرأ حمزة والكسائي، وحفص، عن عاصم برفع العين. قال الزجاج: من رفع {أَرْبَعُ} فالمعنى فشهادة أحدهم التي تدرأ حد القذف {أَرْبَعُ} ومن نصب فالمعنى فعليهم ان يشهد أحدهم {أَرْبَعُ} قوله تعالى: والخامسة قرأ حفص عن عاصم {وَٱلْخَامِسَةَ} نصبا حملا على نصب أربع شهادات. قوله تعالى: {أَنَّ لَعْنَةَ ٱللّه عَلَيْهِ} قرأ نافع ويعقوب والمفضل {أَن لَّعْنَةُ ٱللّه} و {أَنَّ غَضَبَ ٱللّه} بتخفيف النون فيهما وسكونهما ورفع الهاء من لعنة والباء من غضب إلا ان نافعا كسر الضاد من غضب وفتح الباء. قوله تعالى: {أَعْرَضَ عَنْهَا} أي ويدفع عنها العذاب وفيه ثلاثة أقوال. احدهما: أنه الحد. والثاني:الحبس ذكرهما ابن جرير. والثالث: العار. قوله تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} أي ستره ونعمته. قال الزجاج: وجواب لولا هاهنا متروك، والمعنى: لولا ذلك لنال الكاذب منكم عذاب عظيم وقال غيره: لولا فضل اللّه لبين الكاذب من الزوجين فأقيم عليه الحد، {وَأَنَّ ٱللّه تَوَّابٌ} يعود على من رجع عن المعاصي بالرحمة حكيم فيما فرض من الحدود. |
﴿ ١٠ ﴾