ÓõæÑóÉõ ÇáúÝõÑúÞóÇäö ãóßøöíøóÉñ

æóåöíó ÓóÈúÚñ æóÓóÈúÚõæäó ÂíóÉð

سورة الفرقان

بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

١

انظر تفسير الآية:٣

٢

انظر تفسير الآية:٣

٣

قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة في آخرين: هي مكية. وحكي عن ابن عباس وقتادة أنهما قالا: إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة وهي قوله: {وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللّه إِلَـٰهَا ءاخَرَ} إلى قوله: {غَفُوراً رَّحِيماً} الفرقان.

قوله تعالى: {تَبَـٰرَكَ} قد شرحناه في [الأعراف: ٥٤] والفرقان: القرآن، سمي فرقانا لأنه فرق به بين الحق والباطل.

والمراد بعبده: محمد صلى اللّه عليه وسلم، {لِيَكُونَ} فيه قولان.

احدهما: أنه كناية عن عبده، قاله الجمهور.

والثاني: عن القرآن حكاه الماوردي.

قوله تعالى: {لّلْعَـٰلَمِينَ} يعني الجن والإنس {نَذِيراً} أي: مخوفا من عذاب اللّه.

قوله تعالى: {فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: سوّاه وهيّأه لما يصلح له، فلا خلل فيه ولا تفاوت.

والثاني: قدر له ما يصلحه ويقيمه.

والثالث: قدر له تقديرا من الأجل والرزق.ثم ذكر ما صنعه المشركون فقال: {وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ ءالِهَةً} يعني: الأصنام

{لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} أي: وهي مخلوقة

{وَلاَ يَمْلِكُونَ لاِنفُسِهِمْ ضَرّاً} أي دفع ضر ولا جر نفع لأنها جماد لا قدرة لها،

{وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً} أي: لا تملك ان تميت أحدا ولا أن تحيي أحدا ولا أن تبعث احدا من الأموات، والمعنى: كيف يعبدون ما هذه صفته، ويتركون عبادة من يقدر على ذلك كله؟

٤

انظر تفسير الآية:٦

٥

انظر تفسير الآية:٦

٦

قوله تعالى: {وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} يعني: مشركي قريش وقال مقاتل: هو قول النضر بن الحارث من بني عبد الدار {إِنَّ هَذَا} أي: ما هذا يعنون القرآن

{إِلاَّ إِفْكٌ} أي كذب {ٱفْتَرَاهُ} أي: اختلقه من تلقاء نفسه

{وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءاخَرُونَ} قال مجاهد: يعنون اليهود، وقال مقاتل: أشاروا إلى عداس مولى حويطب ويسار غلام عامر بن الحضرمي وجبر مولى لعامر أيضا، وكان الثلاثة من أهل الكتاب.

قوله تعالى: {فَقَدْ جَاءوا ظُلْماً وَزُوراً} قال الزجاج: المعنى: فقد جاؤوا بظلم وزور، فلما سقطت الباء أفضى الفعل فنصب، والزور: الكذب {وَقَالُواْ أَسَـٰطِيرُ ٱلاْوَّلِينَ} المعنى: وقالوا: الذي جاء به أساطير الأولين، وقد بينا ذلك في [الأنعام: ٢٥].

قال المفسرون: والذي قال هذا هو النضر بن الحارث. ومعنى {ٱكْتَتَبَهَا} أمر أن تكتب له. وقرأ ابن مسعود وإبراهيم النخعي وطلحة بن مصرف: {ٱكْتَتَبَهَا} برفع التاء الأولى وكسر الثانية، والابتداء على قراءتهم برفع الهمزة

{فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ} أي تقرأ عليه ليحفظها لا ليكتبها، لأنه لم يكن كاتباً.

{بُكْرَةً وَأَصِيلاً} أي: غدوة وعشيا {قُلْ} لهم يا محمد: {أَنزَلَهُ} يعني: القرآن

{ٱلَّذِى يَعْلَمُ ٱلسّرَّ} أي لا يخفى عليه شىء {فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلاْرْضِ}.

٧

انظر تفسير الآية:٩

٨

انظر تفسير الآية:٩

٩

قوله تعالى: {وَقَالُواْ} يعني المشركين {مَا لِهَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ} أنكروا أن يكون الرسول بشرا يأكل الطعام ويمشي في الطرق كما يمشي سائر الناس يطلب المعيشة، والمعنى: انه ليس بملَك ولا ملِك لأن الملائكة لا تأكل، والملوك لا تتبذل في الأسواق، فعجبوا أن يكون مساويا للبشر لا يتميز عليهم بشىء، وإنما جعله اللّه بشرا ليكون مجانسا للذين أرسل إليهم، ولم يجعله ملِكاً يمتنع من المشي في الأسواق، لأن ذلك من فعل الجبابرة، ولأنه أمر بدعائهم فاحتاج أن يمشي بينهم.

قوله تعالى: {لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ} وذلك أنهم قالوا له: سل ربك أن يبعث ملكا يصدقك، ويجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا، فذلك قوله:

{أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ} أي: ينزل إليه من السماء

{أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا} أي: بستان يأكل من ثماره. قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر {يَأْكُلُ} منها بالياء يعنون النبي صلى اللّه عليه وسلم. وقرأ حمزة والكسائي {نَّأْكُلَ} بالنون. قال أبو علي المعنى: يكون له علينا مزية في الفضل بأكلنا من جنته، وباقي الآية مفسر في [بني إسرائيل: ٤٧]

قوله تعالى: {ٱنْظُرْ} يا محمد

{كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلاْمْثَالَ} حين مثلوك بالمسحور وبالكاهن والمجنون والشاعر {فُضّلُواْ} بهذا عن الهدى

{فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً} فيه قولان.

احدهما: لا يستطيعون مخرجا من الأمثال التي ضربوها، قاله مجاهد والمعنى: أنهم كذبوا ولم يجدوا على قولهم حجة وبرهانا، وقال الفراء: لا يستطيعون في أمرك حيلة.

والثاني: سبيلا إلى الطاعة، قاله السدي.

١٠

انظر تفسير الآية:١٤

١١

انظر تفسير الآية:١٤

١٢

انظر تفسير الآية:١٤

١٣

انظر تفسير الآية:١٤

١٤

ثم أخبر أنه لو شاء لأعطاه خيرا مما قالوا في الدنيا، وهو قوله:

{خَيْراً مّن ذٰلِكَ} يعني لو شئت لأعطيتك في الدنيا خيرا مما قالوا، لأنه قد شاء أن يعطيه ذلك في الآخرة. {وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً} قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر عن عاصم {وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً} برفع اللام. وقرأ أبو عمرو ونافع وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم {وَيَجْعَلَ} بجزم اللام. فمن قرأ بالجزم كان المعنى: إن يشأ يجعل لك جنات ويجعل لك قصورا. ومن رفع فعلى الاستثناء المعنى: ويجعل لك قصورا في الآخرة. وقد سبق معنى «أعتدنا» [النساء: ٣٧] ومعنى «السعير» [النساء: ١٠]

قوله تعالى: {إِذْ رَأَتْهُمْ مّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} قال السدي عن أشياخه من مسيرة مائة عام.

فإن قيل: السعير مذكر فكيف قال إذا رأتهم.

فالجواب أنه أراد بالسعير النار.

قوله تعالى: {سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً} فيه قولان.

احدهما: غليان تغيظ، قاله الزجاج. قال المفسرون: والمعنى: أنها تتغيظ عليهم، فيسمعون صوت تغيظها وزفيرها كالغضبان إذا غلا صدره من الغيظ.

والثاني: يسمعون فيها تغيظ المعذبين وزفيرهم، حكاه ابن قتيبة.

قوله تعالى: {وَإَذَا أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً}

قال المفسرون: تضيق عليهم كما يضيق الزج على الرمح، وهم قد قرنوا مع الشياطين، والثبور. الهلكة. وقرأ عاصم الجحدري وابن السميفع {ثُبُوراً} بفتح الثاء.

قوله تعالى: {وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً} قال الزجاج: الثبور مصدر فهو للقليل والكثير على لفظ الواحد. كما تقول ضربته ضرباً كثيرا، والمعنى: هلاكهم أكثر من أن يدعوا مرة واحدة.

وروى انس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:«أول من يكسى من اهل النار يوم القيامة إبليس، يكسى حلة من النار فيضعها على حاجبيه، ويسحبها من خلفه، وذريته خلفه وهو يقول: واثبوراه، وهم ينادون: يا ثبورهم حتى يقفوا على النار، فينادي: يا ثبوراه، وينادون: يا ثبورهم فيقول اللّه عز وجل: {لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وٰحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً}.

١٥

انظر تفسير الآية:١٦

١٦

قوله تعالى: {قُلْ أَذٰلِكَ} يعني: السعير {خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ} وهذا تنبيه على تفاوت ما بين المنزلتين، لا على أن في السعير خير. وقال الزجاج: قد وقع التساوي بين الجنة والنار في أنهما منزلان، فلذلك وقع التفضيل بينهما.

قوله تعالى: {كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء} أي: ثوابا ومصيرا أي: {مرجعا}

قوله تعالى: {وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ} المشار إليه، إما الدخول وإما الخلود {وَعْداً} وعدهم اللّه إياه على ألسنة الرسل.

وفي معنى {مَسْؤُولاً} قولان.

احدهما: مطلوبا. وفي الطالب له قولان.

احدهما: أنهم المؤمنون، سألوا اللّه في الدنيا إنجاز ما وعدهم به.

والثاني: أن الملائكة سألته ذلك لهم، وهو قوله: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّـٰتِ عَدْنٍ ٱلَّتِى وَعَدْتَّهُمْ} [غافر: ٨]

والثاني: أن معنى المسؤول؟ الواجب.

١٧

انظر تفسير الآية:٢٠

١٨

انظر تفسير الآية:٢٠

١٩

انظر تفسير الآية:٢٠

٢٠

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ} قرأ ابن كثير وحفص عن عاصم: {يَحْشُرُهُمْ} {فَيَقُولُ} بالياء فيهما. وقرأ نافع وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {نَحْشُرُهُمْ} بالنون {فَيَقُولُ} بالياء.

وقرأ ابن عامر: {نَحْشُرُهُمْ} بالنون فيهما جميعا، يعني: المشركين، {ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ} قال مجاهد: يعني عيسى وعزيرا والملائكة. وقال عكرمة والضحاك: يعني الأصنام، فيأذن اللّه للأصنام في الكلام، ويخاطبها فيقول: {أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى هَـؤُلاَء} أي: أمرتموهم بعبادتكم

{أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ} أي: أخطأوا الطريق. {قَالُواْ} يعني الأصنام

{سُبْحَـٰنَكَ} نزهوا اللّه تعالى أن يعبد غيره

{مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء} نواليهم، والمعنى: ما كان ينبغي لنا أن نعبد نحن غيرك، فكيف ندعو إلى عبادتنا؟ فدل هذا الجواب على انهم لم يأمروا بعبادتهم. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وابن جبير والحسن وقتادة وأبو جعفر وابن يعمر وعاصم الجحدري

{أَن نَّتَّخِذَ} برفع النون وفتح الخاء، ثم ذكروا سبب تركهم الإيمان فقالوا: {وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ} أي أطلت لهم العمر وأوسعت لهم الرزق حتى نسوا الذكر، أي: تركوا الإيمان بالقرآن والاتعاظ به،

{وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً} قال ابن عباس: هلكى. وقال في رواية أخرى: البور في لغة أزد عمان. الفاسد. قال ابن قتيبة: هو من بار يبور إذا هلك وبطل، يقال: بار الطعام: إذا كسد، وبارت الايم إذا لم يرغب فيها، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتعوذ من بوار الأيم، قال: وقال أبو عبيدة: يقال: رجل بور وقوم بور لا يجمع ولا يثنى، واحتج بقول الشاعر:

يا رسول المليك إن لساني  راتق ما فتقت إذا أنا بور

وقد سمعنا ب «رجل بائر» ورأيناهم ربما جمعوا «فاعلا» على «فعْل» نحو عائذ وعوذ، وشارف وشُرْف.

قال المفسرون: فيقال للكفار حينئذ فقد كذبوكم، أي: فقد كذبكم المعبودون في قولكم: إنهم آلهة. وقرأ سعيد ابن جبير ومجاهد ومعاذ القارىء وابن شنبوذ عن قنبل: {بِمَا يَقُولُونَ} بالياء والمعنى: كذبوكم بقولهم:

{سُبْحَـٰنَكَ مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا} الآية، هذا قول الأكثرين. وقال ابن زيد: الخطاب للمؤمنين، فالمعنى: فقد كذَّبكم المشركون بما تقولون: إن محمدا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

قوله تعالى: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً} قرأ الأكثرون بالياء. وفيه وجهان.

احدهما: فما يستطيع المعبودون صرفا للعذاب عنكم ولا نصرا لكم.

والثاني: فما يستطيع الكفار صرفا لعذاب اللّه عنهم ولا نصرا لأنفسهم. وقرأ حفص عن عاصم: {تَسْتَطِيعُونَ} بالتاء، والخطاب للكفار. وحكى ابن قتيبة عن يونس البصري أنه قال: الصرف الحيلة من قولهم: إنه ليتصرف.

قوله تعالى: {وَمَن يَظْلِم مّنكُمْ} أي: بالشرك {نُذِقْهُ} في الآخرة. وقرأ عاصم الجحدري، والضحاك، وأبو الجوزاء وقتادة: {يُذقه} بالياء

{نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً} أي: شديدا.

{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ} قال الزجاج: في الآية محذوف، تقديره: وما أرسلنا قبلك رسلا من المرسلين، فحذفت رسلا لان قوله: {مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ} يدل عليها.

قوله تعالى: {إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى ٱلاْسْوَاقِ} أي: إنهم كانوا على مثل حالك، فكيف تكون بدعا منهم.

فإن قيل: لِمَ كسرت {أَنَّهُمْ} هاهنا، وفتحت في [براءة:٥٤] في قوله: {أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَـٰتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ} فقد بينا هنالك علة فتح تلك،

فأما كسر هذه، فذكر ابن الأنباري فيه وجهين.

احدهما: أن تكون فيها واو حال مضمرة فكسرت بعدها «إن» للاستئناف، فيكون التقدير: إلا وإنهم ليأكلون الطعام، فأضمرت الواو هاهنا، كما أضمرت في قوله: {أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: ٤] والتأويل: أو وهم قائلون.

والثاني: أن تكون كسرت لإضمار «مَنْ» قبلها، فيكون التقدير: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا مَنْ إنهم ليأكلون، قال الشاعر:

فظلوا ومنهم دمعة سابق له  وآخر يثني دمعة العين بالمهل

أراد: مَنْ دمعه.

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} الفتنة: الابتلاء والاختبار. وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال.

احدها: أنه افتتان الفقير بالغني، يقول: لو شاء لجعلني غنيا، والأعمى بالبصير، والسقيم بالصحيح، قاله الحسن.

والثاني: ابتلاء الشريف بالوضيع، والعربي بالمولى، فاذا أراد الشريف أن يسلم فرأى الوضيع قد سبقه بالإسلام أنف فأقام على كفره، قاله ابن السائب.

والثالث: أن المستهزئين من قريش كانوا إذا رأوا فقراء المؤمنين، قالوا: انظروا إلى أتباع محمد من موالينا ورذالتنا، قاله مقاتل. فعلى الأول: يكون الخطاب بقوله: {أَتَصْبِرُونَ} لأهل البلاء.

وعلى الثاني: للرؤساء، فيكون المعنى: أتصبرون على سبق الموالي والأتباع.

وعلى الثالث: للفقراء؛ فالمعنى: أتصبرون على أذى الكفار واستهزائهم، والمعنى: قد علمتم ما وعد الصابرون، {وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} بمن يصبر وبمن يجزع.

٢١

انظر تفسير الآية:٢٤

٢٢

انظر تفسير الآية:٢٤

٢٣

انظر تفسير الآية:٢٤

٢٤

قوله تعالى: {وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا} أي: لا يخافون البعث

{لَوْلاَ} أي: هلا {أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلَـئِكَةُ} فكانوا رسلا إلينا وأخبرونا بصدقك،

{أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا} فيخبرنا أنك رسوله، {لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِى أَنفُسِهِمْ} أي: تكبروا حين سألوا هذه الآيات، {وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً} قال الزجاج: العتو في اللغة: مجاوزة القدر في الظلم.

قوله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلَـئِكَةَ} فيه قولان.

احدهما: عند الموت.

والثاني: يوم القيامة. قال الزجاج: وانتصب اليوم على معنى: لا بشرى للمجرمين يوم يرون الملائكة، و{يَوْمَئِذٍ} مؤكد لـ

{يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلَـئِكَةَ} والمعنى: أنهم يمنعون البشرى في ذلك اليوم، ويجوز أن يكون {يَوْمٍ} منصوبا على معنى: اذكر يوم يرون الملائكة، ثم أخبر فقال: {لاَ بُشْرَىٰ} والمجرمون هاهنا الكفار.

قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً} وقرأ قتادة، والضحاك، ومعاذ القارىء: {حِجْراً} بضم الحاء. قال الزجاج: وأصل الحجر في اللغة: ما حجرت عليه، أي: منعت من ان يوصل إليه، ومنه حجر القضاة على الأيتام.

وفي القائلين لهذا قولان.

احدهما: أنهم الملائكة، يقولون للكفار: حجرا محجورا، أي: حراما محرما. وفيما حرموه عليهم قولان:

احدهما: البشرى، فالمعنى: حرام محرم ان تكون لكم البشرى، قاله الضحاك، والفراء وابن قتيبة، والزجاج.

والثاني: أن تدخلوا الجنة، قاله مجاهد.

والثاني: أنه قول المشركين إذا عاينوا العذاب، ومعناه: الاستعاذة من الملائكة، روي عن مجاهد أيضا. وقال ابن فارس: كان الرجل إذا لقي من يخافه في الشهر الحرام، قال: حجرا أي: حرام عليك أذاي، فاذا رأى المشركون الملائكة يوم القيامة، قالوا: حجْرا مَحْجورا، يظنون أنه ينفعهم كما كان ينفعهم في الدنيا.

قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا} قال ابن قتيبة: أي: قصدنا وعمدنا، والأصل أن من اراد القدوم إلى موضع عمد له وقصده.

قوله تعالى: {إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ} أي من أعمال الخير {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء} لأن العمل لا يتقبل مع الشرك. وفي الهباء خمسة أقوال.

احدها: أنه ما رأيته يتطاير في الشمس التي تدخل من الكوة مثل الغبار، قاله علي عليه السلام، والحسن، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، واللغويون، والمعنى: ان اللّه أحبط أعمالهم حتى صارت بمنزلة الهباء.

والثاني: أنه الماء المهراق، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثالث: أنه ما تنسفه الرياح وتذريه من التراب وحطام الشجر، رواه عطاء الخراساني عن ابن عباس.

والرابع: أنه الشرر الذي يطير من النار، إذا أضرمت فاذا وقع لم يكن شيئا، رواه عطية عن ابن عباس.

والخامس: أنه ما يسطع من حوافر الدواب، قاله مقاتل. والمنثور: المتفرق.

قوله تعالى: {أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ} أي: يوم القيامة،

{خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً} أفضل منزلا من المشركين

{وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} قال الزجاج: المقيل: المقام وقت القائلة، وهو النوم نصف النهار. وقال الأزهري: القيلولة عند العرب: الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر، وإن لم يكن مع ذلك نوم. وقال ابن مسعود، وابن عباس: لا ينتصف النهار من يوم القيامة، حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.

٢٥

انظر تفسير الآية:٢٩

٢٦

انظر تفسير الآية:٢٩

٢٧

انظر تفسير الآية:٢٩

٢٨

انظر تفسير الآية:٢٩

٢٩

قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَاء بِٱلْغَمَـٰمِ وَنُزّلَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ تَنزِيلاً} هذا معطوف على قوله: {يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلَـئِكَةَ} وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر:

{تَشَقَّقُ} بالتشديد، فأدغموا التاء في الشين لأن الأصل {تتشقق} قال الفراء: المعنى: تتشقق السماء عن الغمام، وتنزل فيه الملائكة، و«على»، و«عن» و«الباء» في هذا الموضع بمعنى واحد، لان العرب تقول: رميت عن القوس وبالقوس وعلى القوس، والمعنى واحد. وقال أبو علي الفارسي: المعنى: تتشقق السماء وعليها غمام كما تقول ركب الأمير بسلاحه وخرج بثيابه، وإنما تتشقق السماء لنزول الملائكة، قال ابن عباس: تتشقق السماء عن الغمام، وهو الغيم الأبيض، وتنزل الملائكة في الغمام. وقال مقاتل: المراد بالسماء: السماوات تتشقق عن الغمام، وهو غمام أبيض كهيئة الضباب، فتنزل الملائكة عند انشقاقها.

وقرأ ابن كثير: {زَهُوقًا وَنُنَزّلُ} بنونين، الأولى مضمومة، والثانية ساكنة، واللام مضمومة، والملائكة نصبا. وقرأ عاصم الجحدري، وأبو عمران الجوني: {وَنُزّلَ} بنون واحدة مفتوحة، ونصب الزاي وتشديدها وفتح اللام ونصب الملائكة.

وقرأ ابن يعمر: {وَنُزّلَ} بفتح النون واللام والزاي والتخفيف {ٱلْمَلَـٰئِكَةَ} بالرفع.

قوله تعالى: {ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ} قال الزجاج: المعنى: الملك الذي هو الملك حقا للرحمن، فأما العسير، فهو الصعب الشديد يشتد على الكفار، ويهون على المؤمنين فيكون كمقدار صلاة مكتوبة.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّـٰلِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ} في سبب نزولها ثلاثة أقوال.

احدها: أن ابي بن خلف، كان يحضر عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويجالسه من غير أن يؤمن به، فزجره عقبة بن أبي معيط عن ذلك، فنزلت هذه الآية. رواه عطاء الخراساني عن ابن عباس.

والثاني: أن عقبة دعا قوما فيهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لطعام، فأكلوا وأبى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يأكل، وقال لا آكل حتى تشهد أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه، فشهد بذلك عقبة، فبلغ ذلك أبي بن خلف وكان خليلا له. فقال: صبوت يا عقبة، فقال: لا واللّه ولكنه أبى أن يأكل حتى قلت، ذلك، وليس من نفسي، فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد.

والثالث: أن عقبة كان خليلا لأمية بن خلف، فأسلم عقبة، فقال أمية: وجهي من وجهك حرام إن تابعت محمدا، فكفر وارتد لرضى أمية، فنزلت هذه الآية، قاله الشعبي.

فأما الظالم المذكور هاهنا فهو الكافر، وفيه قولان.

احدهما: أنه أبي بن خلف، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثاني: عقبة بن أبي معيط، قاله مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة. قال عطاء: يأكل يديه حتى تذهبا إلى المرفقين، ثم تنبتان فلا يزال هكذا، كلما نبتت يده أكلها ندامة على ما فعل.

قوله تعالى: {قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ} الأكثرون يسكنون {يٰوَيْلَتَا لَيْتَنِى} وأبو عمرو يحركها، قال أبو علي: والأصل التحريك: لانها بازاء الكاف التي للخطاب، إلا أن حرف اللين تكره فيه الحركة، ولذلك أسكن من اسكن، والمعنى: ليتني اتبعته فاتخذت معه طريقا إلى الهدى.

قوله تعالى: {لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً} في المشار إليه أربعة أقوال.

احدها: أنه عنى أبي بن خلف قاله ابن عباس.

والثاني: عقبة بن أبي معيط، قاله أبو مالك.

والثالث: الشيطان قاله مجاهد.

والرابع: امية ابن خلف قاله السدي.

فإن قيل: إنما يكنى من يخاف المبادأة أو يحتاج إلى المداجاة، فما وجه الكناية؟ فالجواب: أنه أراد بالظالم كل ظالم، وأراد بفلان: كل من أطيع في معصية، وأرضي بسخط اللّه، وإن كانت الآية نزلت في شخص، قاله ابن قتيبة.

قوله تعالى: {لَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ ٱلذّكْرِ} أي صرفني عن القرآن والإيمان به

{بَعْدَ إِذْ جَاءنِى} مع الرسول، وهاهنا تم الكلام، ثم قال اللّه تعالى:

{وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِلإِنْسَـٰنِ} يعني: الكافر {خَذُولاً} يتبرأ منه في الآخرة.

٣٠

انظر تفسير الآية:٣١

٣١

قوله تعالى: {وَقَالَ ٱلرَّسُولُ} يعني محمدا صلى اللّه عليه وسلم، وهذا عند كثير من العلماء أنه يقوله يوم القيامة، فالمعنى: ويقول الرسول يومئذ. وذهب آخرون، منهم مقاتل، إلى أن الرسول قال: ذلك شاكيا من قومه إلى اللّه تعالى، حين كذبوه.

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {إِنَّ قَوْمِى ٱتَّخَذُواْ} بتحريك الياء، وأسكنها عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي. وفي المراد بقوله: {مَهْجُوراً} قولان.

احدهما: {متروكا} لا يلتفتون إليه ولا يؤمنون به، وهذا معنى قول ابن عباس ومقاتل.

والثاني: هجروا فيه، أي: جعلوه كالهذيان، ومنه يقال: فلان يهجر في منامه، أي: يهذي، قاله ابن قتيبة. وقال الزجاج: الهجر ما لا ينتفع به من القول.

قال المفسرون: فعزاه اللّه عز وجل، فقال:

{يَجْهَلُونَ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً} أي: كما جعلنا لك أعداء من مشركي قومك، جعلنا لكل نبي عدوا من كفار قومه، والمعنى: لا يكبرن هذا عليك، فلك بالأنبياء أسوة،

{وَكَفَىٰ بِرَبّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} يمنعك من عدوك. قال الزجاج: والباء في قوله بربك زائدة، فالمعنى: كفى ربك هاديا ونصيرا.

٣٢

انظر تفسير الآية:٣٤

٣٣

انظر تفسير الآية:٣٤

٣٤

قوله تعالى: {لَوْلاَ نُزّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْءانُ جُمْلَةً وٰحِدَةً} أي: كما أنزلت التوراة والإنجيل والزبور، فقال اللّه عز وجل:

{كَذٰلِكَ} أي: أنزلناه كذلك متفرقا، لأن معنى ما قالوا: لمَ نزل عليه متفرقا؟ فقيل: إنما أنزلناه كذلك

{لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} أي: لنقوي به قلبك فتزداد بصيرة، وذلك أنه كان يأتيه الوحي في كل أمر وحادثة، فكان أقوى لقلبه، وأنور لبصيرته، وأبعد لاستيحاشه {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} أي: أنزلناه على الترتيل، وهو التمكث الذي يضاد العجلة.

قوله تعالى: {وَلاَ يَأْتُونَكَ} يعني المشركين {بِمَثَلٍ} يضربونه لك في مخاصمتك وإبطال أمرك

{إِلاَّ جِئْنَـٰكَ بِٱلْحَقّ} أي: بالذي هو الحق، لترد به كيدهم

{وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} من مثلهم، والتفسير: البيان والكشف. قال مقاتل: ثم أخبر بمستقرهم في الآخرة، فقال: {ٱلَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ} وذلك أن كفار مكة قالوا: إن محمدا وأصحابه شر خلق اللّه، فنزلت هذه الآية.

قوله تعالى: {أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً} أي: منزلا ومصيرا {وَأَضَلُّ سَبِيلاً} دينا وطريقا من المؤمنين.

٣٥

انظر تفسير الآية:٣٩

٣٦

انظر تفسير الآية:٣٩

٣٧

انظر تفسير الآية:٣٩

٣٨

انظر تفسير الآية:٣٩

٣٩

قوله تعالى: {ٱذْهَبَا إِلَى ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا}.

إن قيل: إنما عاينوا الآيات بعد وجود الرسالة، فكيف يقع التكذيب منهم قبل وجود الآيات؟

فالجواب: أنهم كانوا مكذبين أنبياء اللّه وكتبه المتقدمة، ومن كذب نبياً فقد كذب سائر الأنبياء، ولهذا قال:

{وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ} وقال الزجاج: يجوز ان يكون المراد به نوح وحده، وقد ذكر بلفظ الجنس، كما يقال فلان يركب الدواب، وإن لم يركب إلا دابة واحدة، وقد شرحنا هذا في هود عند قوله:

{وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ} وقد سبق معنى التدمير.

قوله تعالى: {وَأَصْحَـٰبُ ٱلرَّسّ} في الرس ثلاثة أقوال.

احدها: أنها بئر كانت تسمى الرس، قاله ابن عباس في رواية العوفي. وقال في رواية عكرمة: هي بئر بأذربيجان. وزعم ابن السائب أنها بئر دون اليمامة. وقال السدي بئر بأنطاكية.

والثاني: أن الرس قرية من قرى اليمامة، قاله قتادة.

والثالث: أنها المعدن، قاله ابو عبيدة وابن قتيبة.

وفي تسميتها بالرس قولان.

احدهما: أنهم رسوا نبيهم في البئر، قاله عكرمة. قال الزجاج: رسوه أي دسوه فيها.

والثاني: أن كل رَكيَّة لم تطو فهي رس، قاله ابن قتيبة.

واختلفوا في أصحاب الرس على خمسة أقوال.

احدها: أنهم قوم كانوا يعبدون شجرة، فبعث اللّه تعالى إليهم نبيا من ولد يهوذا بن يعقوب، فحفروا له بئرا وألقوه فيها، فهلكوا قاله علي عليه السلام.

والثاني: أنهم قوم كان لهم نبي يقال له: حنظلة بن صفوان، فقتلوا نبيهم فأهلكهم اللّه، قاله سعيد ابن جبير.

والثالث: أنهم كانوا أهل بئر، ينزلون عليها وكانت لهم مواش، وكانوا يعبدون الاصنام، فبعث اللّه إليهم شعيبا، فتمادوا، في طفيانهم، فانهارت البئر فخسف بهم وبمنازلهم، قاله وهب بن منبه.

والرابع: أنهم الذين قتلوا حبيبا النجار، قتلوه في بئر لهم وهو الذي قال: {قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ} [يس: ٢٠] قاله السدي.

والخامس: أنهم قوم قتلوا نبيهم وأكلوه، وأول من عمل السحر نساؤهم، قاله ابن السائب.

قوله تعالى: {وَقُرُوناً} المعنى: وأهلكنا قرونا {بَيْنَ ذٰلِكَ كَثِيراً} أي: بين عاد وأصحاب الرس، وقد سبق بيان القرن [الانعام: ٦] وفي هذه القصص تهديد لقريش.

قوله تعالى: {وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ ٱلاْمْثَالَ} أي: أعذرنا إليه بالموعظة وإقامة الحجة {وَكُلاًّ تَبَّرْنَا} قال الزجاج: التتبير: التدمير، وكل شىء كسرته وفتّتّه فقد تبرته، وكُسارته التِّبر، ومن هذا قيل لمكسور الزجاج التبر وكذلك تبر الذهب.

٤٠

انظر تفسير الآية:٤٤

٤١

انظر تفسير الآية:٤٤

٤٢

انظر تفسير الآية:٤٤

٤٣

انظر تفسير الآية:٤٤

٤٤

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَتَوْا} يعني كفار مكة {عَلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِى أُمْطِرَتْ مَطَرَ ٱلسَّوْء} يعني قرية قوم لوط التي رميت بالحجارة،

{أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا} في أسفارهم فيعتبروا؟ ثم أخبر بالذي جرأهم على التكذيب فقال: {بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً} أي: لا يخافون بعثا، هذا قول المفسرين. وقال الزجاج: الذي عليه اهل اللغة أن الرجاء ليس بمعنى الخوف، وإنما المعنى: بل كانوا لا يرجون ثواب عمل الخير، فركبوا المعاصي.

قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ} أي: ما يتخذونك

{إِلاَّ هُزُواً} أي: مهزوءا به. ثم ذكر ما يقولون من الاستهزاء

{أهذا الذي بعث اللّه رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا} أي: ليصرفنا عن عبادة آلهتنا {لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا} أي: على عبادتها

قال اللّه تعالى: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ} في الآخرة من أضل أي: من أخطأ طريقا عن الهدى، اهم، أم المؤمنون. ثم عجَّب نبيه من جهلهم حين عبدوا ما دعاهم إليه الهوى، فقال:

{أَرَءيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ} قال ابن عباس: كان أحدهم يعبد الحجر، فاذا رأى ماهو أحسن منه رمى به وعبد الآخر، وقال قتادة: هو الكافر لا يهوى شيئا إلا ركبه. وقال ابن قتيبة: المعنى: يتبع هواه ويدع الحق فهو له كالإله.

قوله تعالى: {أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} أي حفيظا يحفظه من اتباع هواه. وزعم الكلبي ان هذه الآية منسوخة بآية القتال.

قوله تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ} يعني أهل مكة، والمراد: يسمعون سماع طالب الإفهام {أَوْ يَعْقِلُونَ} ما يعاينون من الحجج والأعلام

{إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلاْنْعَـٰمِ} وفي وجه تشبيههم بالأنعام قولان.

احدهما: أن الأنعام تسمع الصوت ولا تفقه القول.

والثاني: أنه ليس لها هم إلا المأكل والمشرب.

قوله تعالى: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} لأن البهائم تهتدي لمراعيها وتنقاد لأربابها وتقبل على المحسن إليها، وهم على خلاف ذلك.

٤٥

انظر تفسير الآية:٥٢

٤٦

انظر تفسير الآية:٥٢

٤٧

انظر تفسير الآية:٥٢

٤٨

انظر تفسير الآية:٥٢

٤٩

انظر تفسير الآية:٥٢

٥٠

انظر تفسير الآية:٥٢

٥١

انظر تفسير الآية:٥٢

٥٢

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبّكَ} أي: إلى فعل ربك. وقال الزجاج: معناه الم تعلم فهو من رؤية القلب، ويجوز أن يكون من رؤية العين، فالمعنى: ألم تر إلى الظل كيف مده ربك، والظل من وقت طلوع الفجر إلى وقت طلوع الشمس

{وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً} أي: ثابتا دائما لا يزول

{ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً} فالشمس دليل على الظل، فلولا الشمس ما عرف أنه شىء كما أنه لولا النور ما عرفت الظلمة، فكل الأشياء تعرف بأضدادها.

قوله تعالى: {ثُمَّ قَبَضْنَـٰهُ إِلَيْنَا} يعني: الظل

{قَبْضاً يَسِيراً} وفيه قولان.

احدهما: سريعا، قاله ابن عباس.

والثاني: خفيا، قاله مجاهد. وفي وقت قبض الظل قولان.

احدهما: عند طلوع الشمس، يقبض الظل وتجمع أجزاؤه المنبسطة بتسليط الشمس عليه حتى تنسخه شيئا فشيئا.

والثاني: عند غروب الشمس، تقبض أجزاء الظل بعد غروبها، ويخلف كل جزء منه جزءا من الظلام.

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ لِبَاساً} أي ساترا بظلمته، لأن ظلمته تغشى الاشخاص وتشتمل عليها اشتمال اللباس على لابسه

{وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً} قال ابن قتيبة: أي: راحة ومنه يوم السبت، لأن الخلق اجتمع يوم الجمعة، وكان الفراغ منه في يوم السبت، فقيل لبني إسرائيل استريحوا في هذا اليوم، ولا تعملوا فيه شيئا، فسمي يوم السبت، أي: يوم الراحة، وأصل السبت:التمدد، ومن تمدد استراح، وقال ابن الأنباري: أصل السبت القطع، فالمعنى: وجعلنا النوم قطعا لأعمالكم.

قوله تعالى: {وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً} فيه قولان.

احدهما: تنتشرون فيه لابتغاء الرزق، قاله ابن عباس.

والثاني: تنشر الروح باليقظة كما تنشر بالبعث، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ ٱلرّيَـٰحَ} قد شرحناه في إلى قوله:

{وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء طَهُوراً} يعني: المطر، قال الأزهري: الطهور في اللغة الطاهر المطهر، والطهور ما يتطهر به، كالوضوء الذي يتوضأ به، والفطور الذي يفطر عليه.

قوله تعالى: {لّنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً} وقرأ أبو المتوكل وأبو الجوزاء وأبو جعفر {مَيْتًا} بالتشديد قال الزجاج: لفظ البلدة مؤنث،

وإنما قيل {مَيْتًا} لان معنى البلدة والبلد سواء، وقال غيره: إنما قال: {مَيْتًا} لأنه أراد بالبلدة المكان، وقد سبق معنى صفة البلدة بالموت ومعنى {وَنُسْقِيَهِ} [الحجر: ٢٤]. وقرأ أبو مجلز وأبو رجاء والضحاك والأعمش وابن أبي عبلة: {وَنُسْقِيَهِ} بفتح النون. فاما الأناسُّي فقال الزجاج: هو جمع إنسي، مثل كرسي وكراسي، ويجوز أن يكون جمع إنسان، وتكون الباء بدلا من النون، الأصل: أناسين مثل سراحين، وقرأ أبو مجلز والضحاك وأبو العالية وعاصم الجحدري

{وَأَنَاسِىَّ} بتخفيف الياء.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَـٰهُ} يعني: المطر {بَيْنَهُمْ} مرة لهذه البلدة ومرة لهذه {لّيَذْكُرُواْ} أي: ليتفكروا في نعم اللّه عليهم فيحمدوه.

وقرأ حمزة والكسائي. {لّيَذْكُرُواْ} خفيفة الذال قال أبو علي: يذكر في معنى: يتذكر

{فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا} وهم الذين يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، كفروا بنعمة اللّه

{وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِى كُلّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً} المعنى: إنا بعثناك إلى جميع القرى لعظم كرامتك،

{فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَـٰفِرِينَ} وذلك أن كفار مكة دعوه إلى دين آبائهم

{وَجَـٰهِدْهُمْ بِهِ} أي بالقرآن {جِهَاداً كَبيراً} أي تاما شديدا.

٥٣

انظر تفسير الآية:٥٥

٥٤

انظر تفسير الآية:٥٥

٥٥

قوله تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِى مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ} قال الزجاج: أي: خلى بينهما، تقول: مرجت الدابة وأمرجتها إذا خليتها ترعى، ومنه الحديث «مرجت عهودهم واماناتهم» أي: اختلطت

قال المفسرون: والمعنى: أنه أرسلهما في مجاريهما، فما يلتقيان ولا يخنلط الملح بالعذب، ولا العذب بالملح، وهو قوله، {هَـٰذَا} يعني: أحد البحرين عذب أي طيب، يقال: عذب الماء يعذب عذوبة، فهو عذب. قال الزجاج: والفرات صفة للعذب، وهو أشد الماء عذوبة، والأجاج صفة للملح، وهو المر الشديد المرارة، وقال ابن قتيبة: هو أشد الماء ملوحة،

وقيل: هو الذي يخالطه مرارة، ويقال: ماء ملح، ولا يقال: مالح، والبرزخ: الحاجز وفي هذا الحاجز وقولان.

احدهما: أنه مانع من قدرة اللّه تعالى، قاله الأكثرون. قال الزجاج: فهما في مرأى العين مختلطان، وفي قدرة اللّه منفصلان لا يختلط احدهما بالآخر، قال أبو سليمان الدمشقي: ورأيت عند عبَّادان من سواد البصرة الماء العذب ينحدر في دجلة نحو البحر، ويأتي المد من البحر، فيلتقيان، فلا يختلط أحد الماءين بالآخر، يرى ماء البحر إلى الخضرة الشديدة، وماء دجلة إلى الحمرة الخفيفة، فيأتي المستقي فيغرف من ماء دجلة عذبا لا يخالطه شيء، وإلى جانبه ماء البحر في مكان واحد.

والثاني: أن الحاجز الأرض واليبس، وهو قول الحسن والأول أصح.

قوله تعالى: {وَحِجْراً مَّحْجُوراً} قال الفراء: أي: حراما محرما أن يغلب احدهما صاحبه.

قوله تعالى: {ٱلَّذِى خَلَقَ مِنَ ٱلْمَاء بَشَراً} أي من النطفة بشرا أي إنسانا، {فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} أي ذا نسب وصهر، قال علي عليه السلام: النسب ما لا يحل نكاحه، والصهر ما يحل نكاحه. وقال الضحاك: النسب سبع وهو قوله:

{حُرّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَـٰتُكُمْ} إلى قوله: {وَبَنَاتُ ٱلاْخْتِ}. والصهر خمس وهو قوله: {وَأُمَّهَـٰتُكُمُ الْلاَّتِى أَرْضَعْنَكُمْ} إلى قوله:

{مِنْ أَصْلَـٰبِكُمْ}. وقال طاووس: الرضاعة من الصهر.

وقال ابن قتيبة: {نَسَباً} اي: قرابة النسب، {وَصِهْراً} أي: قرابة النكاح وكل شيء من قبل الزوج، مثل الأب والأخ فهم الأحماء، واحدهم حما، مثل قفا، وحمو مثل أبو وحمْمء مهموز ساكن الميم وحمٌ مثل أب وحماة المرأة أم وزجها، لا لغة فيها غير هذه، وكل شيء من قبل المرأة، فهم الأَختان. والصهر يجمع ذلك كله، وحكى ابن فارس عن الخليل: أنه قال: لا يقال لأهل بيت الرجل إلا أَخْتان، ولأهل بيت المرأة إلا أصهار. ومن العرب يجعلهم أصهارا كلهم، والصَهْر: إذابة الشيء. وذكر الماوردي أن المناكح سميت صهرا، لاختلاط الناس بها، كما يختلط الشيء إذا صهر.

قوله تعالى: {وَكَانَ ٱلْكَـٰفِرُ عَلَىٰ رَبّهِ ظَهِيراً} فيه أربعة أقوال.

احدها: معينا للشيطان على ربه، لأن عبادته للأصنام معاونة للشيطان.

والثاني: معينا للمشركين على أن لا يوحدوا اللّه تعالى.

والثالث: معينا على أولياء ربه.

والرابع: وكان الكافر على ربه هينا ذليلا، من قولك: ظهرتُ بفلان: إذا جعلته وراء ظهرك ولم تلتفت إليه. قالوا: والمراد بالكافر ها هنا أبو جهل.

٥٦

انظر تفسير الآية:٦٠

٥٧

انظر تفسير الآية:٦٠

٥٨

انظر تفسير الآية:٦٠

٥٩

انظر تفسير الآية:٦٠

٦٠

قوله تعالى: {وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ} أي: على القرآن وتبليغ الوحي

{مِنْ أَجْرٍ} وهذا توكيد لصدقه، لأنه لو سألهم شيئا من أموالهم لاتهموه،

{إِلاَّ مَن شَاء} معناه: لكن من شاء {أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبّهِ سَبِيلاً} بانفاق ماله في مرضاته، فعل ذلك، فكأنه قال: لا أسألكم لنفسي. وقد سبق تفسير الكلمات التي تلي هذه [آل عمران:١٥٩، البقرة:٣٠، الأعراف:٥٤] إلى قوله: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} و«به» بمعنى: «عنه»، قال علقمة بن عبدة:

فان تسألوني بالنساء فإنني  بصير بأدواء النساء طبيب

وفي هاء به ثلاثة أقوال.

احدها: أنها ترجع إلى اللّه عز وجل.

والثاني: إلى اسمه الرحمن، لأنهم قالوا لا نعرف الرحمن.

والثالث: إلى ما ذكر من خلق السماوات والأرض وغير ذلك. وفي الخبير أربعة أقوال.

احدها: أنه جبريل، قاله ابن عباس.

والثاني: أنه اللّه عز وجل والمعنى: سلني فأنا الخبير، قاله مجاهد.

والثالث: أنه القرآن، قاله شمر.

والرابع: مُسْلِمة أهل الكتاب، قاله ابو سليمان. وهذا يخرج على قولهم: لا نعرف الرحمن، فقيل: سلوا مُسَلِمة أهل الكتاب، فان اللّه تعالى خاطب موسى في التوراة باسمه الرحمن، فعلى هذا الخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم والمراد سواه.

قوله تعالى: {وَإِذَا قيل لَهُمْ} يعني: كفار مكة {ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ}

قال المفسرون: إنهم قالوا: لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، فأنكروا أن يكون من أسماء اللّه تعالى،

{أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا} وقرأ حمزة، والكسائي: {يأمرنا} بالياء، أي: لما يأمرنا به محمد، وهذا استفهام إنكار، ومعناه: لا نسجد للرحمن الذي تأمرنا بالسجود له،

{تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ} ذكر الرحمن {نُفُورًا} أي: تباعدا من الإيمان.

٦١

انظر تفسير الآية:٦٢

٦٢

قوله تعالى: {تَبَارَكَ ٱلَّذِى جَعَلَ فِى ٱلسَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً} قد شرحناه في [الحجر:١٦] والمراد بالسراج: الشمس.

وقرأ حمزة، والكسائي: {سُرُجا} بضم السين والراء وإسقاط الألف. قال الزجاج: أراد الشمس والكواكب العظام، ويجوز {سُرْجا} بتسكين الراء مثل رسْل ورُسُل. قال الماوردي: لما اقترن بضوء الشمس وهج حرها جعلها لأجل الحرارة سراجا، ولما عدم ذلك في القمر جعله نورا.

قوله تعالى: {مُّنِيراً وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً} فيه قولان.

احدهما: أن كل واحد منهما يخالف الآخر في اللون فهذا أبيض وهذا أسود، روى هذا المعنى الضحاك عن ابن عباس، وابن أبي نجيح عن مجاهد وبه قال قتادة.

والثاني: ان كل واحد منهما يخلف صاحبه، رواه عمرو بن قيس الملائي عن مجاهد، وبه قال ابن زيد وأهل اللغة، وأنشدوا قول زهير:

بها العين والآرام يمشين خلفة  وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم

أي: إذا ذهبت طائفة جاءت طائفة.

قوله تعالى: {لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ} أي: يتعظ ويعتبر باختلافهما. وقرأ حمزة: {يُذْكَرِ} خفيفة الذال مضمومة الكاف. وهي في معنى: يتذكر،

{أَوْ أَرَادَ} شكر اللّه تعالى فيهما.

٦٣

انظر تفسير الآية:٦٧

٦٤

انظر تفسير الآية:٦٧

٦٥

انظر تفسير الآية:٦٧

٦٦

انظر تفسير الآية:٦٧

٦٧

قوله تعالى: {وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ} وقرأ علي، وأبو عبد الرحمن السلمي، وابن السميفع:

{يَمْشُونَ} برفع الياء وفتح الميم والشين وبالتشديد. وقال ابن قتيبة: إنما نسبهم إليه لاصطفائه إياهم، كقوله: {نَاقَةُ ٱللّه} الأعراف[٧٣]، ومعنى {هَوْناً}: مشيا رويدا. ومنه يقال: أحبب حبيبك هونا ما. وقال مجاهد: يمشون بالوقار والسكينة.

{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَـٰهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً} أي: سدادا. وقال الحسن: لا يجهلون على أحد، وإن جهل عليهم حلموا. وقال مقاتل بن حيان:

{قَالُواْ سَلاَماً} أي: قولا يسلمون فيه من الإثم. وهذه الآية محكمة عند الأكثرين. وزعم قوم: أن المراد بها أنهم يقولون للكفار: ليس بيننا وبينكم غير السلام، ثم نسخت بآية السيف.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبّهِمْ} قال الزجاج: كل من أدركه الليل فقد بات، نام أو لم ينم، يقال: بات فلان قلقا، إنما المبيت إدراك الليل.

قوله تعالى: {كَانَ غَرَاماً} فيه خمسة أقوال متقارب معانيها.

احدها: دائما رواه أبو سعيد الخدري، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

والثاني: موجعا، رواه الضحاك عن ابن عباس.

والثالث: ملحا، قاله ابن السائب، وقال ابن جريج: لا يفارق.

والرابع: هلاكا، قاله أبو عبيدة.

والخامس: أن الغرام في اللغة أشد العذاب، قال الشاعر:ويوم النسار ويوم الجفا  ر كانا عذبا وكانا غراماقاله الزجاج.

قوله تعالى: {سَاءتْ مُسْتَقَرّاً} أي: بئس موضع الاستقرار وموضع الإقامة هي.

قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ إِذَا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ} وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: {يَقْتُرُواْ} مفتوحة الياء مكسورة التاء. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: {يَقْتُرُواْ} بفتح الياء وضم التاء. وقرأ نافع، وابن عامر:

{يَقْتُرُواْ} بضم الياء وكسر التاء. وفي معنى الكلام قولان.

احدهما: أن الإسراف: مجاوزة الحد في النفقة، والإقتار: التقصير عما لا بد منه، ويدل على هذا قول عمر بن الخطاب: كفى بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهى.

والثاني: أن الإسراف: الإنفاق في معصية اللّه وإن قل، والإقتار: منع حق اللّه تعالى، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن جريج في آخرين.

قوله تعالى: {وَكَانَ} يعني الإنفاق {بَيْنَ ذٰلِكَ} أي: بين الإسراف والإقتار {قَوَاماً} أي: عدلا، قال ثعلب: {القَوام} بفتح القاف الاستقامة والعدل، وبكسرها ما يدوم عليه الأمر ويستقر.

٦٨

انظر تفسير الآية:٧٠

٦٩

انظر تفسير الآية:٧٠

٧٠

قوله تعالى: {قَوَاماً وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللّه إِلَـٰهَا ءاخَرَ} في سبب نزولها ثلاثة أقوال.

احدها: ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود، قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أي الذنب أعظم؟ قال: «أن تجعل للّه نِدا وهو خلقك، قلت: ثم أي، قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك»، فأنزل اللّه تعالى تصديقها: {وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللّه إِلَـٰهَا ءاخَرَ} الآية.

والثاني: أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، ثم أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزلت هذه الآية إلى قوله:

{غَفُوراً رَّحِيماً} أخرجه مسلم من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس.

والثالث: أن وحشيا أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا محمد أتيتك مستجيرا فأجرني، حتى أسمع كلام اللّه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:

«قد كنت احب أن أراك على غير جوار، فأما إذا أتيتني مستجيرا فأنت في جواري، حتى تسمع كلام اللّه، قال: فإني أشركت باللّه وقتلت النفس التي حرم اللّه وزنيت، فهل يقبل اللّه مني توبة؟ فصمت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى نزلت هذه الآية، فتلاها عليه، فقال: أرى شرطا فلعلي لا أعمل صالحا، أنا في جوارك حتى اسمع كلام اللّه، فنزلت {إِنَّ ٱللّه لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: ٤٨] فدعاه فتلاها عليه فقال: ولعلي ممن لا يشاء اللّه، أنا في جوارك حتى أسمع كلام اللّه، فنزلت {قُلْ يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللّه} الآية [الزمر:٥٣] فقال: نعم الآن لا أرى شرطا، فأسلم،

رواه عطاء عن ابن عباس، وهذا وحشي هو قاتل حمزة» وفي هذا الحديث المذكور عنه نظر، وهو بعيد الصحة، والمحفوظ في إسلامه غير هذا، وأنه قدم مع رسل الطائف فأسلم من غير اشتراط.

وقوله {يَدَّعُونَ} معناه: يعبدون وقد سبق بيان قتل النفس بالحق في [الأنعام١٥١].

قوله تعالى: {يَلْقَ أَثَاماً} وقرأ سعيد بن جبير، وأبو المتوكل: {يَلْقَ} برفع الياء وفتح اللام وتشديد القاف مفتوحة، قال ابن عباس: يلق جزاء. وقال مجاهد، وعكرمة: وهو واد في جهنم. وقال ابن قتيبة: يلق عقوبة، وأنشد:

جزى اللّه ابن عروة حيث أمسى  عقوقا والعقوق له أثام

قال الزجاج: وقوله تعالى: {يَلْقَ أَثَاماً} جزما على الجزاء. قال أبو عمرو الشيباني يقال: قد لقي أثام ذلك، أي: جزاء ذلك، وسيبويه والخليل يذهبان إلى أن معناه: يلقى جزاء الأثام، قال سيبويه: وإنما جزم {يُضَـٰعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ} لأن مضاعفة العذاب لقي الآثام، فلذلك جزمت، كما قال الشاعر:

متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا  تجد حطبا جزلا ونارا تأججا

لأن الإتيان هو الإلمام، فجزم «تلمم» لانه بمعنى تأتي. وقرأ الحسن: {يُضَـٰعِفُ} وهو جيد بالغ، تقول: ضاعفت الشيء وضعفته.

وقرأ عاصم: {يُضَـٰعِفُ} بالرفع على تفسير {يَلْقَ أَثَاماً} كأن قائلاً قال: ما لقي الأثام، فقيل: يضاعف للآثم العذاب. وقرأ أبو المتوكل، وقتادة، وأبو حيوة: {يُضَـٰعِفُ} برفع الياء وسكون الضاد وفتح العين خفيفة من غير ألف. وقرأ أبو حصين الأسدي، والعمري عن أبي جعفر مثله، إلا أن العين مكسورة، {وَٱلْعَذَابَ} بالنصب.

قوله تعالى: {وَيَخْلُدْ} وقرأ أبو حيوة، وقتادة، والأعمش:

{وَيَخْلُدْ} برفع الياء وسكون الخاء وفتح اللام مخففة، وقرأ عاصم الجحدري، وابن يعمر، وأبو المتوكل مثله، إلا أنهم شددوا اللام.

فصل

ولعلماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية قولان.

احدهما: أنها منسوخة وفي ناسخها ثلاثة أقوال.

احدها: أنه قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء٩٣] قاله ابن عباس. وكان يقول: هذه مكية، والتي في النساء مدنية.

والثاني: انها نسخت بقوله: {إِنَّ ٱللّه لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} الآية [النساء٤٨].

والثالث: أنالأولى نسخت بالثانية، وهي قوله:{إِلاَّ مَن تَابَ}.

والقول الثاني: أنها محكمة، والخلود إنما كان لانضمام الشرك إلى القتل والزنا وفساد القول. الأول ظاهر لأن القتل لا يوجب تخليدا عند الأكثرين، وقد بيناه في سورة [النساء٩٣]، والشرك لا يغفر إذا مات المشرك عليه، والاستثناء ليس بنسخ.

قوله تعالى: {إِلاَّ مَن تَابَ} قال ابن عباس: قرأنا على عهد رسول اللّه سنتين: {وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللّه إِلَـٰهَا ءاخَرَ} ثم نزلت {إِلاَّ مَن تَابَ} فما رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرح بشيء فرحه بها، وب {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} [الفتح١].

قوله تعالى: {فَأُوْلَـئِكَ يُبَدّلُ ٱللّه سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ} اختلفوا في كيفية هذا التبديل وفي زمان كونه، فقال ابن عباس: يبدل اللّه شركهم إيمانا، وقتلهم إمساكا، وزناهم إحصانا، وهذا يدل: أولاً: على أنه يكون في الدنيا، وممن ذهب إلى هذا المعنى سعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد.

والثاني: أن هذا يكون في الآخرة، قاله سلمان رضي اللّه عنه، وسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين. وقال عمرو بن ميمون: يبدل اللّه سيئات المؤمن إذا غفرها له حسنات، حتى إن العبد يتمنى أن تكون سيئاته أكثر مما هي، وعن الحسن كالقولين.

وروي عن الحسن أنه قال: ود قوم يوم القيامة أنهم كانوا في الدنيا استكثروا من الذنوب، فقيل: من هم؟ قال: هم الذين قال اللّه تعالى فيهم:

{فَأُوْلَـئِكَ يُبَدّلُ ٱللّه سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ} ويؤكد هذا القول حديث أبي ذر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم:

«يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، فتعرض عليه صغار ذنوبه، وتنحى عنه كبارها، فيقال: عملت يوم كذا كذا وكذا، وهو مقر لا ينكر، وهو مشفق من الكبار، فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة». أخرجه مسلم في صحيحه.

٧١

انظر تفسير الآية:٧٤

٧٢

انظر تفسير الآية:٧٤

٧٣

انظر تفسير الآية:٧٤

٧٤

قوله تعالى: {وَمَن تَابَ} ظاهر هذه التوبة أنها عن الذنوب المذكورة. وقال ابن عباس: يعني: ممن لم يقتل ولم يزن،

{وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً} فاني قد قدمتهم وفضلتهم على من قاتل نبيي واستحل محارمي.

قوله تعالى: {فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللّه مَتاباً} قال ابن الأنباري: معناه: من اراد التوبة وقصد حقيقتها، فينبغي له أن يريد اللّه بها، ولا يخلط بها ما يفسدها، وهذا كما يقول الرجل: من تجر فانه يتجر في البز، ومن ناظر فانه يناظر في النحو، أي: من أراد ذلك فينبغي أن يقصد هذا الفن. قال: ويجوز أن يكون معنى هذه الآية: ومن تاب وعمل صالحا. فان ثوابه وجزاءه يعظمان له عند ربه، الذي أراد بتوبته، فلما كان قوله:

{فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللّه مَتاباً} يؤدي عن هذا المعنى، كفى منه، وهذا كما يقول الرجل للرجل: إذا تكلمت فاعلم أنك تكلم الوزير، أي: تكلم من يعرف كلامك ويجازيك، ومثله قوله تعالى: {إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِى وَتَذْكِيرِى بِآيَاتِ ٱللّه فَعَلَى ٱللّه تَوَكَّلْتُ} [يونس٧١] أي: فاني أتوكل على من ينصرني، ولا يسلمني. وقال قوم معنى الآية: فانه يرجع إلى اللّه مرجعا يقبله منه.

قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ} فيه ثمانية أقوال.

احدها: أنه الصنم، روى الضحاك عن ابن عباس: ان الزور صنم كان للمشركين.

والثاني: أنه الغناء، قاله محمد بن الحنفية، ومكحول؛

وروى ليث عن مجاهد قال: لا يسمعون الغناء.

والثالث: الشرك، قاله الضحاك، وأبو مالك.

والرابع: لعب كان لهم في الجاهلية، قاله عكرمة.

والخامس: الكذب، قاله قتادة، وابن جريج.

والسادس: شهادة الزور، قاله علي بن أبي طلحة.

والسابع: أعياد المشركين، قاله الربيع بن أنس.

والثامن: مجالس الخنا، قاله عمرو بن قيس.

وفي المراد باللغو هاهنا خمسة أقوال.

احدها: المعاصي، قاله الحسن.

والثاني: أذى المشركين إياهم، قاله مجاهد.

والثالث: الباطل، قاله قتادة.

والرابع: الشرك، قاله الضحاك.

والخامس: إذا ذكروا النكاح كنوا عنه، قاله مجاهد. وقال محمد ابن علي: إذا ذكروا الفروج كنوا عنها.

قوله تعالى: {مَرُّواْ كِراماً} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: مروا حلماء، قاله ابن السائب.

والثاني: مروا معرضين عنه، قاله مقاتل.

والثالث: أن المعنى: إذا مروا باللغو جاوزوه، قاله الفراء.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ} أي: وعظوا {بآيَـٰتِ رَبّهِمْ} وهي القرآن،

{لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً} قال ابن قتيبة: لم يتغافلوا عنها، كأنهم صم لم يسمعوها، عمي لم يروها، وقال غيره من أهل اللغة: لم يثبتوا على حالتهم الأولى، كأنهم لم يسمعوا، ولم يروا، وإن لم يكونوا خروا حقيقة، تقول العرب: شتمت فلانا، فقام يبكي، وقعد يندب، وأقبل يعتذر، وظل يتحير، وإن لم يكن قام ولا قعد.

قوله تعالى: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوٰجِنَا وَذُرّيَّـٰتِنَا} قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم: {وَذُرّيَّـٰتِنَا} على الجمع. وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر، وحفص عن عاصم: {وَذُرّيَّـٰتِنَا} على التوحيد، {قُرَّةِ أَعْيُنٍ} وقرأ ابن مسعود، وأبو حيوة: {قَرَأْتَ أَعْيُنٍ} يعنون: من يعمل بطاعتك فتقر به أعيننا في الدنيا والآخرة، وسئل الحسن عن قوله: {قُرَّةِ أَعْيُنٍ} في الدنيا أم في الآخرة؟ قال: لا بل في الدنيا، وأي شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وولده، يطيعون اللّه، واللّه ما طلب القوم إلا أن يطاع اللّه فتقر أعينهم. قال الفراء: إنما قال: {قُرَّةِ} لأنها فعل. والفعل لا يكاد يجمع، ألا ترى إلى قوله: {وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً} [الفرقان ٤٤] فلم يجمعه، والقرة مصدر تقول: قرت عينه قرة، ولو قيل: قرة عين او قرات اعين كان صوابا. وقال غيره: أصل القرة من البرد، لأن العرب تتأذى بالحر، وتستروح إلى البرد. وله تعالى: {وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} فيه قولان.

احدهما: اجعلنا أئمة يقتدى بنا، قاله ابن عباس. وقال غيره: هذا من الواحد الذي يراد به الجمع، كقوله: {إِنَّا رَسُولُ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} [الشعراء١٦] وقوله: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى} [الشعراء٧٧].

والثاني: اجعلنا مؤتمين بالمتقين مقتدين بهم، قاله مجاهد، فعلى هذا يكون الكلام من المقلوب، فيكون المعنى: واجعل المتقين لنا إماما.

٧٥

انظر تفسير الآية:٧٧

٧٦

انظر تفسير الآية:٧٧

٧٧

قوله تعالى: {أُوْلَـئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ} قال ابن عباس: يعني الجنة. وقال غيره: الغرفة كل بناء عال مرتفع، والمراد غرف الجنة، وهي من الزبرجد والدر والياقوت، {بِمَا صَبَرُواْ} على دينهم وعلى أذى المشركين.

قوله تعالى: {وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: {وَيُلَقَّوْنَ * هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوٰجِنَا وَذُرّيَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً * أُوْلَـئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ} بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف، {تَحِيَّةً وَسَلَـٰماً} قال ابن عباس: يحيي بعضهم بعضا بالسلام، ويرسل إليهم الرب عز وجل بالسلام. وقال مقاتل: {تَحِيَّةً} يعني: السلام وسلاما: أي سلم اللّه لهم أمرهم وتجاوز عنهم.

قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: ما يصنع بكمٰ قاله ابن عباس.

والثاني: أي وزن يكون لكم عنده؛ تقول: ما عبأت بفلان أي: ما كان له عندي وزن ولا قدر، قاله الزجاج.

والثالث: ما يعبأ بعذابكم، قاله ابن قتيبة.

وفي قوله: {لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ} أربعة أقوال.

احدها: لولا إيمانكم، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثاني: لولا عبادتكم، رواه الضحاك عن ابن عباس.

والثالث: لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه، قاله مجاهد، والمراد نفع الخلق، لأن اللّه تعالى غير محتاج.

والرابع: لولا توحيدكم، حكاه الزجاج. وعلى قول الأكثرين ليس في الآية إضمار، وقال ابن قتيبة: فيها إضمار تقديره: ما يعبأ بعذابكم لولا ما تدعونه من الشريك والولد، ويوضح ذلك قوله: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} يعني العذاب، ومثله قول الشاعر:

من شاء دلى النفس في هوة  ضنك ولكن من له بالمضيق

أي بالخروج من المضيق، وهل هذا خطاب للمؤمنين أو للكفار، فيه قولان:

فأما قوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} فهو خطاب لأهل مكة حين كذبوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {فَسَوْفَ يَكُونُ} يعني: تكذيبكم {لِزَاماً} أي عذابا لازما لكم وفيه ثلاثة أقوال.

احدها: أنه قتلهم يوم بدر، فقتلوا يومئذ واتصل بهم عذاب الآخرة لازما لهم، وهذا مذهب ابن مسعود وأبي بن كعب ومجاهد في آخرين.

والثاني: أنه الموت، قاله ابن عباس.

والثالث: أن اللزام القتال، قاله ابن زيد.

﴿ ٠