|
٩ قوله تعالى: {طسم} قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر {طسم} بفتح الطاء وإدغام النون من هجاء سين عند الميم. وقرأ حمزة والكسائي وخلف وأبان والمفضل {طسم} و{طس} النمل بإمالة الطاء فيهما، وأظهر النون من هجاء سين عند الميم حمزة هاهنا وفي القصص. وفي معنى طسم أربعة أقوال: احدها: أنها حروف من كلمات، ثم فيها ثلاثة أقوال: احدها: ما رواه علي بن أبي طالب عليه السلام قال: لما نزلت {طسم} قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: الطاء طور سيناء، والسين الاسكندرية، والميم مكة. والثاني: أن الطاء طيبة، وسين بيت، المقدس، وميم مكة، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثالث: الطاء شجرة طوبى والسين سدرة المنتهى والميم محمد صلى اللّه عليه وسلم، قاله جعفر الصادق. والثاني: أنه قسم، أقسم اللّه به وهو من أسماء اللّه تعالى، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس: وقد بينا كيف يكون مثل هذا من أسماء اللّه تعالى في فاتحة مريم، وقال القرظي: أقسم اللّه بطوله وسنائه وملكه. والثالث: انه اسم للسورة، قاله مجاهد. والرابع: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة وأبو روق. وما بعد هذا قد سبق تفسيره [المائدة: ١٥] [الكهف: ٦]إلى قوله: {أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} والمعنى: لعلك قاتل نفسك لتركهم الإيمان.ثم أخبر أنه لو أراد أن ينزل عليهم ما يضطرهم إلى الإيمان، لفعل فقال: {إِن نَّشَأْ نُنَزّلْ} وقرأ أبو رزين وأبو المتوكل {إِن يَشَأْ يُنَزّلٍ} بالياء فيهما، {عَلَيْهِمْ مّنَ ٱلسَّمَاء ءايَةً فَظَلَّتْ أَعْنَـٰقُهُمْ لَهَا خَـٰضِعِينَ} جعل الفعل أولا للأعناق، ثم جعل خاضعين للرجال، لأن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون. وقيل: لمّا وصف الأعناق بالخضوع وهو من صفات بني آدم، أخرج الفعل مخرج الآدميين، كما بينا في قوله: {وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ} [يوسف: ٤] وهذا اختيار أبي عبيدة. وقال الزجاج: قوله: {فَظَلَّتْ} معناه: فتظل، لأن الجزاء يقع فيه لفظ الماضي في معنى المستقبل، كقولك: إن تأتني أكرمتك، معناه: أكرمْك، وإنما قال: {خَـٰضِعِينَ} لأن خضوع الأعناق هو خضوع أصحابها، وذلك أن الخضوع لما لم يكن إلا بخضوع الأعناق، جاز أن يخبر عن المضاف إليه، كما قال الشاعر: رأت مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال لما كانت السنون لا تكون إلا بمر، أخبر عن السنين، وإن كان أضاف إليها المرور قال: وجاء في التفسير أنه يعني بالأعناق كبراءهم ورؤساءهم. وجاء في اللغة: أن أعناقهم جماعاتهم، يقال: جاءني عنق من الناس أي جماعة. وما بعد هذا قد سبق تفسيره [الأنبياء: ٢] إلى قوله: {أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلاْرْضِ} يعني المكذبين بالبعث {كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا} بعد أن لم يكن فيها نبات {مِن كُلّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} قال ابن قتيبة: من كل جنس حسن. وقال الزجاج: الزوج النوع والكريم المحمود. قوله تعالى: {إِنَّ فِى ذَلِكَ} الإنبات {لآيَةً} تدل على وحدانية اللّه وقدرته، {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ} أي: ما كان أكثرهم يؤمن في علم اللّه، {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ} المنتقم من أعدائه {ٱلرَّحِيمِ} بأوليائه. |
﴿ ٩ ﴾