١٤

قوله تعالى: {إِنَّهُ أَنَا ٱللّه} الهاء عماد في قول أهل اللغة، وعلى قول السدي هي كناية عن المنادي، لأن موسى قال: من هذا الذي يناديني فقيل: {إِنَّهُ أَنَا ٱللّه}.

قوله تعالى: {وَأَلْقِ عَصَاكَ} في الآية محذوف تقديره فألقاها فصارت حية،

{فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ} قال الفراء: الجان الحية التي ليست بالعظيمة ولا بالصغيرة.

قوله تعالى: {وَلَمْ يُعَقّبْ} فيه قولان.

احدهما: لم يلتفت. قاله قتادة.

والثاني: لم يرجع، قاله ابن قتيبة والزجاج. قال ابن قتيبة: وأهل النظر يرون أنه مأخوذ من العقب.

قوله تعالى: {إِنّى لاَ يَخَافُ لَدَىَّ ٱلْمُرْسَلُونَ} أي: لا يخافون عندي.

وقيل: المراد في الموضع الذي يوحى إليهم فيه، فكأنه نبهه على أن من آمنه اللّه بالنبوة من عذابه، لا ينبغي أن يخاف من حية. وفي قوله: {إَلاَّ مَن ظَلَمَ} ثلاثة أقوال.

احدها: أنه استثناء صحيح، قاله الحسن وقتادة ومقاتل، والمعنى: إلا من ظلم منهم فانه يخاف، قال ابن قتيبة: علم اللّه تعالى أن موسى مستشعر خيفة من ذنبه في الرجل الذي وكزه،

فقال {إَلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً} أي: توبة وندما، فانه يخاف وإني غفور رحيم.

والثاني: أنه استثناء منقطع، والمعنى: لكن من ظلم فانه يخاف، قاله ابن السائب والزجاج. وقال الفراء: «من» مستثناة من الذين تركوا في الكلام، كأنه قال: لا يخاف لدي المرسلون، إنما الخوف على غيرهم، إلا من ظلم فتكون «من» مستثناة وقال ابن جرير:في الآية محذوف تقديره: إلا من ظلم، فمن ظلم ثم بدل حسنا.

والثالث: أن «إلا» بمعنى الواو فهو كقوله {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ} [البقرة: ١٥٠] حكاه الفراء عن بعض النحويين، ولم يرضه.

وقرأ أبي بن كعب وسعيد بن جبير والضحاك وعاصم الجحدري وابن يعمر {إَلاَّ مَن ظَلَمَ} بفتح الهمزة وتخفيف اللام. وللمفسرين في المراد بالظلم هاهنا قولان.

احدهما: المعاصي.

والثاني: الشرك ومعنى {حَسَنًا}: توبة وندما. وقرأ ابن مسعود والضحاك وأبو رجاء والأعمش وابن السميفع وعبد الوارث عن ابي عمرو {حَسَنًا} بفتح الحاء والسين {بَعْدَ سُوء} أي بعد إساءة،

وقيل الإشارة بهذا إلى أن موسى، وإن كان قد ظلم نفسه بقتل القبطي، فان اللّه يغفر له لأنه ندم على ذلك وتاب.

قوله تعالى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ} الجيب حيث جيبَ من القميص، أي: قطع قال ابن جرير: إنما أمر بادخاله يده في جيبه، لأنه كان عليه حينئذ مدرعة من صوف ليس لها كم، والسوء: البرص.

قوله تعالى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِى} قال الزجاج: «في» من صلة قوله

{وَأَلْقِ عَصَاكَ * وَأَدْخِلْ يَدَكَ} فالتأويل: أظهر هاتين الآيتين في تسع آيات «وفي» بمعنى «من» فتأويله من تسع آيات، تقول خذ لي عشرا من الإبل فيها فحلان، أي منها فحلان، وقد شرحنا الآيات في بني إسرائيل.

قوله تعالى: {إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ} أي مرسلا إلى فرعون وقومه، فحذف ذلك لأنه معروف،

{فَلَمَّا جَاءتْهُمْ ءايَـٰتُنَا مُبْصِرَةً} أي: بينة واضحة، وهو كقوله {وَءاتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً} [الاسراء: ٥٩] وقد شرحناه.

قوله تعالى: {قَالُواْ هَـٰذَا} أي: هذا الذي نراه عيانا

{سِحْرٌ مُّبِينٌ} {وَجَحَدُواْ بِهَا} أي: أنكرها

{وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ} أنها من عند اللّه {ظُلْماً} أي: شركاً

{وَعُلُوّاً} أي: تكبرا. قال الزجاج: المعنى: وجحدوا بها ظلماً وعلوا، أي: ترفعا عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى، وهم يعلمون أنها من عند اللّه.

﴿ ١٤