١٣

قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمّ مُوسَىٰ فَارِغاً} فيه أربعة أقوال.

احدها: فارغا من كل شىء إلا من ذكر موسى، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال مجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك.

والثاني: أصبح فؤادها فزعا، رواه الضحاك عن ابن عباس، وهي قراءة أبي رزين وأبي العالية والضحاك وقتادة وعاصم الجحدري فإنهم قرؤوا {فزعا} بزاي معجمة.

والثالث: فارغا من وحينا بنسيانه، قاله الحسن وابن زيد.

والرابع: فارغا من الحزن، لعلمها، أنه لم يقتل، قاله أبو عبيدة. قال ابن قتيبة: وهذا من أعجب التفسير، كيف يكون كذلك؟ واللّه يقول: {بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا} وهل يربط إلا على قلب الجازع المحزون.

قوله تعالى: إن كادت لتبدي به في هذه الهاء قولان.

احدهما: أنها ترجع إلى موسى، ومتى أرادت هذا فيه ثلاثة أقوال.

احدها: أنه حين فارقته، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: كادت تقول يا بنياه. قال قتادة وذلك من شدة وجدها:

والثاني: حين حملت لرضاعه ثم كادت تقول هو ابني، قاله السدي.

والثالث: أنه لما كبر وسمعت الناس يقولون: موسى بن فرعون، كادت تقول لا بل هو ابني، قاله ابن السائب. والقول الثاني: أنها ترجع إلى الوحي، والمعنى: إن كادت لتبدي بالوحي، حكاه ابن جرير.

قوله تعالى: {لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا} قال الزجاج: المعنى: لولا ربطنا على قلبها والربط إلهام الصبر وتشديد القلب وتقويته.

قوله تعالى: {لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ} أي: من المصدقين بوعد اللّه.

{وَقَالَتْ لاخْتِهِ قُصّيهِ} قال ابن عباس: قصي أثره واطلبيه، هل تسمعين له ذكرا؟أي: أحي هو؟ أو قد أكلته الدواب، ونسيت الذي وعدها اللّه فيه. وقال وهب: إنما قالت لأخته: قصيه لأنها سمعت أن فرعون قد أصاب صبيا في تابوت، قال مقاتل: واسم أخته مريم. قال ابن قتيبة:

ومعنى قصيه: قصي أثره واتبعيه {فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ} أي: عن بعد منها عنه وإعراض لئلا يفطنوا، والمجانبة من هذا. وقرأ ابي ابن كعب، وأبو مجلز: عن جناب بفتح الجيم والنون وبألف بعدهما. وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران الجوني: {عَنْ جَانِبٍ} بفتح الجيم وكسر النون وبينهما ألف.

وقرأ قتادة، وأبو العالية، وعاصم الجحدري: عن جَنْب بفتح الجيم وإسكان النون من غير ألف.

قوله تعالى: {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} فيه قولان.

احدهما: وهم لا يشعرون أنه عدو لهم، قاله مجاهد.

والثاني: لا يشعرون أنها أخته، قاله السدي.

قوله تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ} وهي جمع مرضع {مِن قَبْلُ} أي: من قبل أن نرده على أمه، وهذا تحريم منع لا تحريم شرع.

قال المفسرون: بقي ثمانية أيام وليالهين، كلما أتي بمرضع لم يقبل ثديها، فأهمهم ذلك، واشتد عليهم، فقالت لهم أخته: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ} فقالوا لها: نعم، من تلك؟ فقالت: أمي، قالوا: وهل لها لبن؟ قالت: لبن هارون. فلما جاءت قبل ثديها.

وقيل: إنها لما قالت {وَهُمْ لَهُ نَـٰصِحُونَ} قالوا: لعلك تعرفين أهله، قالت: لا، ولكني إنما

قلت: وهم للملك ناصحون.

قوله تعالى: {فَرَدَدْنَـٰهُ إِلَىٰ أُمّهِ} قد شرحناه في [طه ٤٠].

قوله تعالى: {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللّه} يرد ولدها {حَقّ} وهذا علم عيان ومشاهدة

{وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} أن اللّه وعدها أن يرده إليها.

﴿ ١٣