١٧

{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} قد فسرنا هذه الآية في سورة [يوسف ٢٢] وكلام المفسرين في لفظ الآيتين متقارب، إلا أنهم فرقوا بين بلوغ الأشد وبين الاستواء. فأما بلوغ الأشد فقد سلف بيانه [الانعام:١٥٢].

وفي مدة الاستواء لهم قولان.

احدهما: أنه أربعون سنة، قاله مجاهد، وقتادة، وابن زيد.

والثاني: ستون سنة، ذكره ابن جرير.

قال المفسرون: مكث عند أمه حتى فطمته، ثم ردته إليهم فنشأ في حجر فرعون وامرأته واتخذاه ولدا.

قوله تعالى: {وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ} فيها قولان.

احدهما: أنها مصر.

والثاني: مدينة بالقرب من مصر.قال السدي: ركب فرعون يوما وليس عنده موسى، فلما جاء موسى ركب في أثره، فأدركه المقيل في تلك المدينة. وقال غيره: لما توهم فرعون في موسى أنه عدوه أمر باخراجه من مدينته، فلم يدخل إلا بعد أن كبر فدخلها يوما

{عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مّنْ أَهْلِهَا}. وفي ذلك الوقت أربعة أقوال.

احدها: أنه كان يوم عيد لهم، وكانوا قد اشتغلوا فيه بلهوهم، قاله علي عليه السلام.

والثاني: أنه دخل نصف النهار، رواه جماعة عن ابن عباس، وبه قال سعيد ابن جبير.

والثالث: بين المغرب والعشاء، قاله وهب بن منبه.

والرابع: أنهم لما أخرجوه لم يدخل عليهم حتى كبر، فدخل على حين غفلة عن ذكره، لأنه قد نسي أمره، قاله ابن زيد.

قوله تعالى: {هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ} أي: من أصحابه من بني إسرائيل

{وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوّهِ} أي: من أعدائه من القبط، والعدو يذكر للواحد وللجمع. قال الزجاج:وإنما قيل في الغائب: {هَـٰذَا} و{هَـٰذَا} على جهة الحكاية للحضرة والمعنى: أنه إذا نظر إليهما الناظر قال: هذا من شيعته، وهذا من عدوه،

قال المفسرون: وإن القبطي كان قد سخر الإسرائيلي أن يحمل حطبا إلى مطبخ فرعون،

{فَٱسْتَغَـٰثَهُ} أي: فاستنصره {فَوَكَزَهُ} قال الزجاج: الوكز: أن يضربه بجميع كفه، وقال ابن قتيبة: فوكزه أي: لكزه، يقال: وكزته ولكزته ولهزته إذا دفعته،

{فَقَضَىٰ عَلَيْهِ} أي: قتله، وكل شيء فرغت منه فقد قضيته وقضيت عليه. وللمفسرين فيما وكزه به قولان.

احدهما: كفه، قاله مجاهد.

والثاني: عصاه، قاله قتادة. فلما مات القبطي ندم موسى، لأنه لم يرد قتله،

و{قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ} أي: هو الذي هيج غضبي، حتى ضربت هذا،

{أَنَّهُ عَدُوٌّ} لابن آدم {مُّضِلّ} له {مُّبِينٌ} عداوته.

ثم استغفر ف {قَالَ رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى} أي: بقتل هذا، ولا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر

{قَالَ رَبّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَىَّ} بالمغفرة

{فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لّلْمُجْرِمِينَ} قال ابن عباس: عونا للكافرين، وهذا يدل على أن الإسرائيلي الذي أعانه موسى كان كافرا.

﴿ ١٧