٤ قوله تعالى: {الم * أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ} في سبب نزولها ثلاثة أقوال. احدها: أنه لما أمر بالهجرة، كتب المسلمون إلى إخوانهم بمكة: أنه لا يقبل منكم إسلامكم حتى تهاجروا، فخرجوا نحو المدينة فأدركهم المشركون، فردوهم فأنزل اللّه عز وجل من أول هذه السورة عشر آيات، فكتبوا إليهم يخبرونهم بما نزل فيهم، فقالوا نخرج فإن اتبعنا أحد قاتلناه، فخرجوا فاتبعهم المشركون، فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا، فأنزل اللّه عز وجل فيهم {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَـٰجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ} [النحل: ١١٠] هذا قول الحسن والشعبي. والثاني: أنها نزلت في عمار بن ياسر، إذ كان يعذب في اللّه عز وجل، قاله عبد اللّه بن عبيد بن عمير. والثالث: أنها نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب، حين قتل ببدر، فجزع عليه أبواه وامرأته، فأنزل اللّه تعالى في أبويه وامرأته هذه الآية. قوله تعالى: {أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ} قال ابن عباس: يريد بالناس الذين آمنوا بمكة كعياش بن ابي ربيعة وعمار بن ياسر وسلمة بن هشام وغيرهم. قال الزجاج: لفظ الآية استخبار، ومعناه معنى التقرير والتوبيخ، والمعنى: أحسب الناس أن يتركوا بأن يقولوا: آمنا ولأن يقولوا: آمنا أي: أحسبوا أن يقنع منهم بأن يقولوا: إنا مؤمنون فقط، ولا يمتحنون بما يبين حقيقة إيمانهم، {وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ} أي لا يختبرون بما يعلم به صدق إيمانهم من كذبه. وللمفسرين فيه قولان. احدهما: لا يفتنون في أنفسهم بالقتل والتعذيب، قاله مجاهد. والثاني: لا يبتلون بالأوامر والنواهي. قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} أي: ابتليناهم واختبرناهم {فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللّه} فيه ثلاثة أقوال. احدهما: فليرين اللّه الذين صدقوا في إيمانهم عند البلاء، إذا صبروا لقضائه، وليرين الكاذبين في إيمانهم إذا شكوا عند البلاء،قاله مقاتل. والثاني: فليميزن، لأنه قد علم ذلك من قبل، قاله ابو عبيدة. والثالث: فليظهرن ذلك حتى يوجد معلوما، حكاه الثعلبي. وقرأ علي بن أبي طالب وجعفر بن محمد: «فليعلمن اللّه و«ليُعْلِمن الكاذبين» و«ليُعْلِمن اللّه الذين آمنوا وليُعْلمن المنافقين» [العنكبوت: ١١] بضم الياء وكسر اللام. قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ} أي: أيحسب {ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيّئَاتِ} يعني الشرك {أَن يَسْبِقُونَا} أي: يفوتونا ويعجزونا {سَاء مَا يَحْكُمُونَ} أي: بئس ما حكموا لانفسهم حين ظنوا ذلك. قال ابن عباس: عنى بهم الوليد بن المغيرة وابا جهل والعاص بن هشام وغيرهم. |
﴿ ٤ ﴾