|
٥ قوله تعالى: {غُلِبَتِ ٱلرُّومُ} ذكر أهل التفسير في سبب نزولها: أنه كان بين فارس والروم حرب، فغلبت فارس الروم فبلغ ذلك رسول اللّه ص وأصحابه، فشق ذلك عليهم، وفرح المشركون بذلك، لأن فارس لم يكن لهم كتاب، وكانوا يجحدون البعث ويعبدون الأصنام، والروم أصحاب كتاب، فقال المشركون لأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إنكم أهل كتاب، والنصارى أهل كتاب، ونحن أميون، وقد ظهر إخواننا من اهل فارس على إخوانكم من الروم، فان قاتلتمونا لنظهرن عليكم، فنزلت هذه الآية، فخرج بها أبو بكر الصديق إلى المشركين فقالوا: هذا كلام صاحبك فقال: اللّه أنزل هذا، فقالوا لأبي بكر: نراهنك على ان الروم لا تغلب فارس، فقال ابو بكر: البضع ما بين الثلاث إلى التسع فقالوا: الوسط من ذلك ست فوضعوا الرهان، وذلك قبل أن يحرم الرهان، فرجع ابو بكر إلى أصحابه فأخبرهم فلاموه وقالوا: هلا أقررتها كما أقرها اللّه، لو شاء أن يقول: ستا لقال: فلما كانت سنة ست لم تظهر الروم على فارس، فاخذوا الرهان، فلما كانت سنة سبع ظهرت الروم على فارس. وروى ابن عباس قال: لما نزلت {الم * غُلِبَتِ ٱلرُّومُ} ناحب ابو بكر قريشا فقال له رسول اللّه ص: ألا احتطت فان البضع مابين السبع والتسع، وذكر بعضهم أنهم ضربوا الاجل خمس سنين، وقال بعضهم: ثلاث سنين فقال رسول اللّه ص: إنما البضع ما بين الثلاث إلى التسع، فخرج ابو بكر فقال لهم: أزايد كم في الخطر، وامد في الأجل إلى تسع سنين، ففعلوا فقهرهم أبو بكر وأخذ رهانهم. وفي الذي تولى وضع الرهان من المشركين قولان. احدهما: أبي بن خلف، قاله قتادة. والثاني: أبو سفيان بن حرب، قاله السدي. قوله تعالى: {فِى أَدْنَى ٱلاْرْضِ} وقرأ أبي بن كعب، والضحاك، وابو رجاء، وابن السميفع: {فِى وَفِى ٱلاْرْضِ} بألف مفتوحة الدال أي: اقرب الأرض أرض الروم إلى فارس. قال ابن عباس: وهي طرف الشام. وفي اسم هذا المكان ثلاثة أقوال. احدها: أنه الجزيرة وهي أقرب أرض الروم إلى فارس،قاله مجاهد. والثاني: أذرعات وكسكر، قاله عكرمة. والثالث: الاردن وفلسطين، قاله السدي. قوله تعالى: {وَهُمْ} يعني الروم {مّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ} وقرأ أبو الدرداء، وأبو رجاء، وعكرمة، والأعمش: {غَلَبِهِمْ} بتسكين اللام؛ أي: من بعد غلبة فارس إياهم. والغلب والغلبة لغتان، {سَيَغْلِبُونَ} فارس {فِى بِضْعِ سِنِينَ} في البضع تسعة أقوال. قد ذكرناها في [يوسف٤٢] قال المفسرون: وهي هاهنا سبع سنين، وهذا من علم الغيب الذي يدل على أن القرآن حق {للّه ٱلاْمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} أي: من قبل ان تغلب الروم ومن بعد ما غلبت والمعنى: أن غلبة الغالب وخذلان المغلوب بامر اللّه وقضائه {وَيَوْمَئِذٍ} يعني يوم غلبت الروم فارس {يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ ٱللّه} للروم وكان التقاء الفريقين في السنة السابعة من غلبة فارس إياهم، فغلبتهم الروم وجاء جبريل يخبر بنصر الروم على فارس، فوافق ذلك يوم بدر وقيل يوم الحديبية. |
﴿ ٥ ﴾