١١

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِى ٱلاْرْضِ} أي: أولم يسافروا فينظروا مصارع الأمم قبلهم، كيف أهلكوا بتكذيبهم فيعتبروا.

قوله تعالى: {وَأَثَارُواْ ٱلاْرْضَ} أي: قلبوها للزراعة ومنه قيل للبقرة: مثيرة. وقرأ ابي بن كعب، ومعاذ القارىء، وأبو حيوة: {وَفِى ٱلاْرْضِ} بمد الهمزة وفتح الثاء مرفوعة الراء

{أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا} أي: أكثر من عمارة أهل مكة لطول أعمار أولئك وشدة قوتهم

{وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَاتِ} أي: بالدلالات {فَمَا كَانَ ٱللّه لِيَظْلِمَهُمْ} بتعذيبهم على غير ذنب

{وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} بالكفر والتكذيب ودل هذا على أنهم لم يؤمنوا فأهلكوا. ثم أخبر عن عاقبتهم فقال: {ثُمَّ كَانَ عَـٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ} يعني: الخلة السيئة وفيها قولان.

احدهما: انها العذاب، قاله الحسن.

والثاني: جهنم، قاله السدي.

قوله تعالى: {أَسَاءواْ ٱلسُّوءىٰ أَن كَذَّبُواْ} قال الفراء: معناه لأن كذبوا فلما ألقيت اللام كان نصبا. وقال الزجاج: لتكذيبهم بآيات اللّه واستهزائهم.

وقيل: السوأى مصدر بمنزلة الإساءة؛ فالمعنى: ثم كان التكذيب آخر أمرهم، أي: ماتوا على ذلك، كأن اللّه تعالى جازاهم على إساءتهم أن طبع على قلوبهم حتى ماتوا على التكذيب عقوبة لهم. وقال مكي بن أبي طالب النحوي: عاقبة اسم كان، والسوأى خبرها، وأن كذبوا مفعول من أجله، ويجوز أن يكون السوأى مفعولة ب أساؤوا، وأن كذبوا خبر كان، ومن نصب عاقبة جعلها خبر كان، والسوأى اسمها، ويجوز أن يكون أن كذبوا اسمها. وقرأ الأعمش: أساؤوا السوء برفع السوء.

قوله تعالى:{ٱللّه يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} أي: يخلقهم أولا، ثم يعيدهم بعد الموت أحياء كما كانوا،

{ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم:

{تُرْجَعُونَ} بالتاء فعلى هذا يكون الكلام عائدا من الخبر إلى الخطاب. وقرأ أبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم: {بالياء} لأن المتقدم ذكره غيبة والمراد بذكر الرجوع: الجزاء على الاعمال والخلق: بمعنى: المخلوقين، وإنما قال

{ثُمَّ يُعِيدُهُ} على لفظ الخلق.

﴿ ١١