١٣

قوله تعالى: {هُدًى وَرَحْمَةً} وقرأ حمزة وحده

{وَرَحْمَةً} بالرفع. قال الزجاج: القراءة بالنصب على الحال والمعنى: تلك آيات الكتاب في حال الهداية والرحمة، ويجوز الرفع على إضمار

{وَرَحْمَةً} وعلى معنى {تِلْكَ هُدًى وَرَحْمَةً} وقد سبق تفسير مفتتح هذه السورة [البقرة: ٥] إلى قوله:

{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ} قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في رجل اشترى جارية مغنية. وقال مجاهد: نزلت في شراء القيان والمغنيات. وقال ابن السائب ومقاتل: نزلت في النضر بن الحارث، وذلك أنه كان تاجرا إلى فارس، فكان يشتري أخبار الأعاجم، فيحدث بها قريشا ويقول لهم:إن محمدا يحدثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة، فيستملحون حديثه، ويتركون استماع القرآن، فنزلت فيه هذه الآية.

وفي المراد بلهو الحديث أربعة أقوال.

احدها: أنه الغناء. كان ابن مسعود يقول: هو الغناء والذي لا إله إلا هو، يرددها ثلاث مرات، وبهذا قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة، وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: اللّهو، الطبل.

والثاني: أنه ما ألهى عن اللّه، قاله الحسن، وعنه مثل القول الاول.

والثالث: أنه الشرك قاله الضحاك.

والرابع: الباطل قاله عطاء. وفي معنى يشتري قولان.

احدهما: يشتري بماله وحديث النضر يعضده.

والثاني: يختار ويستحب، قاله قتادة ومطر، وإنما قيل لهذه الأشياء: لهو الحديث لأنها تلهي عن ذكر اللّه.

قوله تعالى: {لِيُضِلَّ} المعنى: ليصير أمره إلى الضلال، وقد بينا هذا الحرف في [الحج: ٩]. وقرأ أبو رزين والحسن وطلحة بن مصرف والأعمش وأبو جعفر {لِيُضِلَّ} بضم الياء والمعنى. ليضل غيره وإذا أضل غيره، فقد ضل هو ايضا.

قوله تعالى: {وَيَتَّخِذَهَا} قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر عن عاصم

{وَيَتَّخِذَهَا} برفع الذال. وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بنصب الذال. قال أبو علي: من نصب عطف على «ليضل ويتخذ» ومن رفع عطفه «على من يشتري ويتخذ». وفي المشار إليه بقوله: ويتخذها قولان.

احدهما: أنها الآيات.

والثاني: السبيل. وما بعد هذا مفسر في مواضع قد تقدمت [الاسراء: ٤٦، الانعام: ٢٥، البقرة: ٢٥، الرعد: ٢، النحل: ١٥،الشعراء: ٧] إلى قوله:

{وَلَقَدْ ءاتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ} وفيها قولان.

احدهما: الفهم والعقل، قاله الأكثرون.

والثاني: النبوة، وقد اختلف في نبوته على قولين:

احدهما: أنه كان حكيما ولم يكن نبيا، قاله سعيد بن المسيب ومجاهد وقتادة.

والثاني: انه كان نبيا، قاله الشعبي وعكرمة والسدي. هكذا حكاه عنهم الواحدي، ولا يعرف إلا ان هذا مما تفرد به عكرمة، والقول الأول اصح. وفي صناعته ثلاثة أقوال.

احدها: أنه كان خياطا، قاله سعيد بن المسيب.

والثاني: راعيا، قاله ابن زيد.

والثالث: نجارا قاله خالد الربعي. فأما صفته، فقال ابن عباس: كان عبدا حبشيا. وقال سعيد بن المسيب: كان لقمان أسود من سودان مصر. وقال مجاهد: كان غليظ الشفتين مشقق القدمين،وكان قاضيا على بني إسرائيل.

قوله تعالى: {أَنِ ٱشْكُرْ للّه} المعنى: وقلنا له ان أشكر للّه على ما أعطاك من الحكمة

{وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} أي إنما يفعل لنفسه {وَمَن كَفَرَ} النعمة، فان اللّه لغني عن عبادة خلقه.

﴿ ١٣