|
٩ قوله تعالى: {يُدَبّرُ ٱلاْمْرَ مِنَ ٱلسَّمَاء إِلَى ٱلاْرْضِ} في معنى الآية قولان. احدهما: يقضي القضاء من السماء فينزله مع الملائكة إلى الأرض، {ثُمَّ يَعْرُجُ} الملك {إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ} من ايام الدنيا، فيكون الملك قد قطع في يوم واحد من ايام الدنيا في نزوله وصعوده مسافة ألف سنة من مسيرة الآدمي. والثاني: يدبر امر الدنيا مدة ايام الدنيا، فينزل القضاء والقدر من السماء إلى الارض، ثم يعرج إليه أي: يعود إليه الأمر والتدبير، حين ينقطع أمر الأمراء وأحكام الحكام وينفرد اللّه تعالى بالأمر {فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} وذلك في يوم القيامة لأن كل يوم من أيام الآخرة كألف سنة. وقال مجاهد: يقضي أمر ألف سنة في يوم واحد، ثم يلقيه إلى الملائكة، فإذا مضت قضى لألف سنة آخرى ثم كذلك أبدا. وللمفسرين في المراد بالأمر ثلاثة أقوال. احدها: أنه الوحي، قاله السدي. والثاني: القضاء، قاله مقاتل. والثالث: أمر الدنيا.و{يَعْرُجُ} بمعنى: يصعد. قال الزجاج: يقال: عرجت في السلم أعرج، وعرج الرجل يعرج إذا صار أعرج. وقرأ معاذ القارىء، وابن السميفع، وابن أبي عبلة: {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} بياء مرفوعة وفتح الراء. وقرأ ابو المتوكل وأبو الجوزاء: {يَعْرُجُ} بياء مفتوحة وكسر الراء. وقرأ أبو عمران الجوني، وعاصم الجحدري: {ثُمَّ تَعْرُجُ} بتاء مفتوحة ورفع الراء. قوله تعالى: {ٱلَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْء خَلَقَهُ} فيه خمسة أقوال. احدها: جعله حسنا. والثاني: أحكم كل شيء، رويا عن ابن عباس، وبالاول قال قتادة، وبالثاني قال مجاهد. والثالث: أحسنه لم يتعلمه من احد،كما يقال: فلان يحسن كذا، إذا علمه قاله السدي ومقاتل. والرابع: أن المعنى: ألهم خلقه كل ما يحتاجون إليه، كأنه أعلمهم كل ذلك وأحسنهم، قاله الفراء. والخامس: أحسن إلى كل شيء خلقه، حكاه الماوردي. وفي قوله: {خَلَقَهُ} قراءتان. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: {خَلَقَهُ} ساكنة اللام. وقرأ الباقون بتحريك اللام. وقال الزجاج: فتحها على الفعل الماضي، وتسكينها على البدل، فيكون المعنى: أحسن خلق كل شيء، والعرب تفعل مثل هذا يقدمون ويؤخرون. قوله تعالى: {وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَـٰنِ} يعني آدم، {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ} أي: ذريته وولده، وقد سبق شرح الآية [المؤمنون١٢]. ثم رجع إلى آدم، فقال: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ} وقد سبق بيان ذلك [الحجر٢٩] ثم عاد إلى ذريته فقال: {وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلاْبْصَـٰرَ} أي: بعد كونكم نطفا. |
﴿ ٩ ﴾