٤٤

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ٱذْكُرُواْ ٱللّه ذِكْراً كَثِيراً} قال مجاهد: هو أن لا ينساه أبدا، وقال ابن السائب: يقال: {ذِكْراً كَثِيراً} بالصلوات الخمس. وقال مقاتل بن حيان: هو التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير على كل حال. وقد روى ابو هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «يقول ربكم: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه».

قوله تعالى: {وَسَبّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} قال ابو عبيدة: الأصيل: ما بين العصر إلى الليل. وللمفسرين في هذا التسبيح قولان.

احدهما: أنه الصلاة، واتفق أرباب هذا القول على أن المراد بالتسبيح بكرة صلاة الفجر.

واختلفوا في صلاة الأصيل على ثلاثة أقوال.

احدها: أنها صلاة العصر، قاله أبو العالية وقتادة.

والثاني: أنها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قاله ابن السائب.

والثالث: أنها الظهر والعصر، قاله مقاتل.

والقول الثاني: أنه التسبيح باللسان، وهو قول: «سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللّه، قاله مجاهد.

قوله تعالى: {هُوَ ٱلَّذِى يُصَلّى عَلَيْكُمْ وَمَلَـئِكَتُهُ}

في صلاة اللّه علينا خمسة أقوال.

احدها: أنها رحمته، قاله الحسن.

والثاني: مغفرته، قاله سعيد بن جبير.

والثالث: ثناؤه، قاله ابو العالية.

والرابع: كرامته، قاله سفيان.

والخامس: بركته، قاله ابو عبيدة.

وفي صلاة الملائكة قولان.

احدهما: أنها دعاؤهم، قاله أبو العالية.

والثاني: استغفارهم، قاله مقاتل.

وفي الظلمات والنور ها هنا ثلاثة أقوال.

احدها: الضلالة والهدى، قاله ابن زيد.

والثاني: الإيمان والكفر، قاله مقاتل.

والثالث: الجنة والنار، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ} الهاء والميم كناية عن المؤمنين.

فأما الهاء في قوله {يَلْقَوْنَهُ} ففيها قولان.

احدهما: أنها ترجع إلى اللّه عز وجل، ثم فيه ثلاثة أقوال.

احدها: أن معناه: تحيتهم من اللّه يوم يلقونه سلام، وروى صهيب عن النبي صلى اللّه عليه وسلم: أن اللّه يسلم على أهل الجنة.

والثاني: تحيتهم من الملائكة يوم يلقون اللّه سلام، قاله مقاتل. وقال أبو حمزة الثمالي: تسلم عليهم الملائكة يوم القيامة، وتبشرهم حين يخرجون من قبورهم.

والثالث: تحيتهم بينهم يوم يلقون ربهم سلام، وهو ان يحيي بعضهم بعضا بالسلام، ذكره أبو سليمان الدمشقي.

والقول الثاني: أن الهاء ترجع إلى ملك الموت، وقد سبق ذكره في ذكر الملائكة، قال ابن مسعود: إذا جاء ملك الموت لقبض روح المؤمن، قال له: ربك يقرئك السلام.

وقال البراء بن عازب: في قوله: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ} قال: ملك الموت، ليس مؤمن يقبض روحه إلا سلم عليه. فأما الأجر الكريم، فهو الحسن في الجنة.

﴿ ٤٤