١٩

قوله تعالى: {وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً} المعنى: صف لأهل مكة مثلا؛ أي: شبها. وقال الزجاج: المعنى: مثل لهم مثلا

{أَصْحَـٰبَ ٱلقَرْيَةِ} وهو بدل من مثل، كأنه قال: اذكر لهم أصحاب القرية. وقال عكرمة، وقتادة: هذه القرية هي أنطاكية.

{إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ} وفي اسميهما ثلاثة أقوال:

أحدها: صادق وصدوق، قاله ابن عباس، وكعب.

والثاني: يوحنا وبولس، قاله وهب بن منبه.

والثالث: تومان وبولس، قاله مقاتل. قوله تعالى:

{فَعَزَّزْنَا} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: فعزّزْنا بتشديد الزاي. قال ابن قتيبة: المعنى: قوينا وشددنا، يقال: تعزز لحم الناقة: إذا صلب. وقرأ أبو بكر، والمفضل عن عاصم: فعززنا خفيفة. قال أبو علي: أراد فغلبنا. قال مقاتل: واسم هذا الثالث شمعون، وكان من الحواريين، وهو وصي عيسى عليه السلام. قال وهب: وأوحى اللّه إلى شمعون يخبره خبر الاثنين ويأمره بنصرتهما، فانطلق يؤمهما. وذكر الفراء أن هذا الثالث كان قد أرسل قبلهما؛ قال: ونراه في التنزيل كأنه بعدهما، وإنما المعنى: فعززنا بالثالث الذي قبلهما، والمفسرون على أنه إنما أرسل لنصرتهما، ثم إن الثالث إنما يكون بعد ثان، فأما إذا سبق الاثنين فهو أول؛ وإني لأتعجب من قول الفراء.

واختلف المفسرون فيمن أرسل هؤلاء الرسل على قولين:

أحدهما:أن اللّه تعالى أرسلهم، وهو ظاهر القرآن، وهو مروي عن ابن عباس، وكعب، ووهب.

والثاني: أن عيسى أرسلهم.

وجاز أن يضاف ذلك إلى اللّه تعالى لأنهم رسل رسوله، قاله قتادة، وابن جريج. قوله تعالى:

{قَالُواْ مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا} أي: مالكم علينا فضل في شيء

{وَمَا أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَىْء} أي: لم ينزل كتابا ولم يرسل رسولا. وما بعده ظاهر إلى قوله:

{قَالُواْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} وذلك أن المطر حبس عنهم، فقالوا: إنما أصابنا هذا من قبلكم

{لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ} أي: تسكتوا عنا {لَنَرْجُمَنَّكُمْ} أي: لنقتلنكم.

{قَالُواْ طَـٰئِرُكُم مَّعَكُمْ} أي: شؤمكم معكم بكفركم، لا بنا

{أَءن ذُكّرْتُم} قرأ ابن كثير: {أَيْنَ ذُكّرْتُم} بهمزة واحدة بعدها ياء. وافقه أبو عمرو، إلا أنه كان يمد. قال الأخفش: معناه: حيث ذكرتم أي وعظتم وخوفتم. وهذا استفهام جوابه محذوف، تقديره: أئن ذكرتم تطيرتم بنا.

وقيل: أئن ذكرتم قلتم هذا القول. والمسرفون هاهنا المشركون.

﴿ ١٩