٣٦ قوله تعالى: {خَـٰمِدُونَ يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ} قال الفراء: المعنى: يالها حسرة على العباد. وقال الزجاج: الحسرة أن يركب الإنسان من شدة الندم مالا نهاية له حتى يبقى قلبه حسيرا. وفي المتحسر على العباد قولان: أحدهما: أنهم يتحسرون على أنفسهم، قال مجاهد والزجاج: استهزاؤهم بالرسل كان حسرة عليهم في الآخرة. وقال أبو العالية: لما عاينوا العذاب قالوا يا حسرتنا على المرسلين كيف لنا بهم الآن حتى نؤمن. والثاني: أنه تحسر الملائكة على العباد في تكذيبهم الرسل، قاله الضحاك. ثم خوف كفار مكة فقال: {أَلَمْ يَرَوْاْ} أي: ألم يعلموا {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّنَ ٱلْقُرُونِ} فيعتبروا ويخافوا أن نعجل لهم الهلاك كما عجل لمن أهلك قبلهم ولم يرجعوا إلى الدنيا. قال الفراء: وألف {أَنَّهُمْ} مفتوحة لأن المعنى ألم يروا أنهم إليهم لا يرجعون. وقد كسرها الحسن كأنه لم يوقع الرؤية على {كَمْ} فلم يقعها على {ءانٍ} وإن استأنفتها كسرتها. قوله تعالى: {وَإِن كُلٌّ لَّمَّا} وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة: لما بالتشديد، {جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} أي: إن الأمم يحضرون يوم القيامة، فيجازون بأعمالهم. قال الزجاج: من قرأ لما بالتخفيف ف {مَا} زائدة مؤكدة والمعنى: وإن كل لجميع، ومعناه: وما كل إلا جميع لدينا محضرون. ومن قرأ لما بالتشديد، فهو بمعنى إلا تقول: سألتك لما فعلت وإلا فعلت. {وَءايَةٌ لَّهُمُ ٱلاْرْضُ ٱلْمَيْتَةُ} وقرأ نافع: {ٱلْمَيْتَةُ} بالتشديد، وهو الأصل، والتخفيف أكثر، وكلاهما جائز؛ {وَءايَةٌ} مرفوعة بالابتداء، وخبرها لهم ويجوز أن يكون خبرها الأرض الميتة والمعنى: وعلامة تدلهم على التوحيد وأن اللّه يبعث الموتى أحياء الأرض الميتة. قوله تعالى: {فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ} يعنى ما يقتات من الحبوب. قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِيهَا} وقوله: {وَفَجَّرْنَا فِيهَا} يعني في الأرض. قوله تعالى: {لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ} يعني النخيل، وهو في اللفظ مذكر. {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: عملته بهاء. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {عَمِلَتْ} بغير هاء. والهاء مثبتة في مصاحف مكة والمدينة والشام والبصرة. ومحذوفة من مصاحف أهل الكوفة. قال الزجاج: موضع ما خفض والمعنى: ليأكلوا من ثمره ومما عملته أيديهم. ويجوز أن يكون ما نفيا، المعنى: ولم تعمله أيديهم وهذا على قراءه من أثبت الهاء. فإذا حذفت الهاء فالاختيار أن تكون ما في موضع خفض. وتكون بمعنى الذي فيحسن حذف الهاء. وكذلك ذكر المفسرون القولين. فمن قال بالأول: قال ليأكلوا مما عملت أيديهم وهو الغروس والحروث التي تعبوا فيها. ومن قال بالثاني قال: ليأكلوا ما ليس من صنعهم ولكنه من فعل الحق عز وجل {أَفَلاَ يَشْكُرُونَ} اللّه تعالى فيوحدوه؟ٰ. ثم نزه نفسه بقوله {سُبْحَـٰنَ ٱلَّذِى خَلَق ٱلاْزْوٰجَ كُلَّهَا} يعني الأجناس كلها {مِمَّا تُنبِتُ ٱلارْضُ} من الفواكهة والحبوب وغير ذلك {وَمِنْ أَنفُسِهِمْ} وهم الذكور والإناث {وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ} من دواب البر والبحر وغير ذلك مما لم يقفوا على علمه. |
﴿ ٣٦ ﴾