٤٠

قوله تعالى: {وَءايَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيْلُ نَسْلَخُ} أي: وعلامة لهم تدل على توحيدنا وقدرتنا الليل نسلخ منه النهار. قال الفراء: نرمي بالنهار عنه. ومنه بمعنى عنه. وقال أبو عبيدة: نخرج منه النهار ونميزه منه فتجيء الظلمة. قال الماوردي: وذلك أن ضوء النهار يتداخل في الهواء فيضيء، فإذا خرج منه أظلم. وقوله

{فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ} أي: داخلون في الظلام. {وَٱلشَّمْسُ} أي: وآية لهم الشمس

{تَجْرِى لِمُسْتَقَرّ لَّهَـا} وفيه أربعة أقوال:

أحدها: إلى موضع قرارها: روى أبو ذر قال سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قوله

{لِمُسْتَقَرّ لَّهَـا} قال: مستقرها تحت العرش، وقال: إنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها فتستأذن في الطلوع فيؤذن لها.

والثاني: أن مستقرها مغربها لا تجاوزه ولا تقصر عنه، قاله مجاهد.

والثالث: لوقت واحد لا تعدوه، قاله قتاده. وقال مقاتل: لوقت لها إلى يوم القيامة.

والرابع: تسير في منازلها حتى تنتهي إلى مستقرها الذي لا تجاوزه، ثم ترجع إلى أول منازلها، قاله ابن السائب. وقال ابن قتيبة: إلى مستقر لها، ومستقرها: أقصى منازلها في الغروب، وذلك لأنها لا تزال تتقدم إلى أقصى مغاربها، ثم ترجع. وقرأ ابن مسعود، وعكرمة، وعلي بن الحسين، والشيزري عن الكسائي:

{لا مُّسْتَقِرٌّ لَهَا}والمعنى: أنها تجري أبدا لا تثبت في مكان واحد. قوله تعالى:

{ذٰلِكَ} الذي ذكر من أمر الليل والنهار والشمس

{تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ} في ملكه {ٱلْعَلِيمُ} بما يقدر. قوله تعالى:

{وَٱلْقَمَرِ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: والقمر بالرفع. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: والقمر بالنصب. قال الزجاج: من قرأ بالنصب فالمعنى: وقدرنا القمر قدرناه منازل. ومن قرأ بالرفع فالمعنى: وآية لهم القمر قدرناه. ويجوز أن يكون على الابتداء، وقدرناه الخبر. قال المفسرون: ومنازل القمر ثمانية وعشرون منزلا، ينزلها من أول الشهر إلى آخره. وقد سميناها في سورة [يونس: ٥] فإذا صار إلى آخر منازله دق فعاد كالعرجون، وهو عود العذق الذي تركته الشماريخ فإذا جف وقدم يشبه الهلال. قال ابن قتيبة: والقديم هاهنا الذي قد أتى عليه حول شبه القمر آخر ليلة يطلع به. قال الزجاج: وتقدير عرجون فعلون من الانعراج. وقرأ أبو مجلز، وأبو رجاء، والضحاك، وعاصم الجحدري، وابن السميفع:

{كَٱلعُرجُونِ} بكسر العين. قوله تعالى:

{لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ} فيه ثلاثة أقوال:

أحدهما: أنهما إذا اجتمعا في السماء، كان أحدهما بين يدي الآخر، فلا يشتركان في المنازل، قاله ابن عباس.

والثاني: لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر، قاله مجاهد.

والثالث: لا يجمتع ضوء أحدهما مع الآخر فإذا جاء سلطان أحدهما ذهب سلطان الآخر، قاله قتادة. فيكون وجه الحكمة في ذلك أنه لو اتصل الضوء لم يعرف الليل. قوله تعالى:

{وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ} وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وأبو عمران، وعاصم الجحدري:

{سَابِقٌ} بالتنوين النهار بالنصب وفيه قولان:

أحدهما: لا يتقدم الليل قبل استكمال النهار.

والثاني: لا يأتي ليل بعد ليل من غير نهار فاصل بيهما، وباقي الآية مفسر في سورة [الأنبياء:٣٣].

﴿ ٤٠