١٩

قوله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلاْزِفَةِ} فيه قولان:

أحدهما: أنه يوم القيامة قاله الجمهور. قال ابن قتيبة: وسميت القيامة بذلك لقربها. يقال: أزف شخوص فلان أي قرب.

والثاني: أنه يوم حضور المنية قاله قطرب.

قوله تعالى: {إِذَا * ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ} وذلك أنها ترتقي إلى الحناجر فلا تخرج ولا تعود. هذا على القول الأول.

وعلى الثاني: القلوب هي النفوس تبلغ الحناجر عند حضور المنية قال الزجاج و {كَـٰظِمِينَ} منصوب على الحال، والحال محمولة على المعنى لأن القلوب لا يقال لها: كاظمين وإنما الكاظمون أصحاب القلوب. فالمعنى: إذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كظمهم.

قال المفسرون: كاظمين أي مغمومين ممتلئين خوفا وحزنا، والكاظم الممسك للشيء على ما فيه. وقد أشرنا إلى هذا عند قوله {وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ} [آل عمران/١٣٤]. {مَا لِلظَّـٰلِمِينَ} يعني الكافرين {مِنْ حَمِيمٍ} أي قريب ينفعهم {وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} فيهم فتقبل شفاعته.

{يَعْلَمُ خَائِنَةَ ٱلاْعْيُنِ} قال ابن قتيبة: الخائنة والخيانة واحد.

وللمفسرين فيها أربعة أقوال:

أحدها: أنه الرجل يكون في القوم فتمر به المرأة فيريهم أنه يغض بصره، فإذا رأى منهم غفلة لحظ إليها فإن خاف أن يفطنوا له غض بصره، قاله ابن عباس.

والثاني: أنه نظر العين إلى ما نهي عنه قاله مجاهد.

والثالث: الغمز بالعين قاله الضحاك والسدي. قال قتادة: هو الغمز بالعين فيما لا يحبه اللّه ولا يرضاه.

والرابع: النظرة بعد النظرة قاله ابن السائب.

قوله تعالى: {وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ}

فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: ما تضمره من الفعل أن لو قدرت على ما نظرت إليه، قاله ابن عباس.

والثاني: الوسوسة قاله السدي.

والثالث: ما يسره القلب من أمانة أو خيانة حكاه المارودي.

﴿ ١٩