١٨

قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُواْ} عن الإيمان بعد هذا البيان {فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةً} الصاعقة: المهلك من كل شيء، والمعنى: أنذرتكم عذابا مثل عذابهم. وإنما خص القبيلتين، لأن قريشا يمرون على قرى القوم في أسفارهم. {إِذْ جَاءتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} أي: أتت آباءهم ومن كان قبلهم {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} أي: من خلف الآباء، وهم الذين أرسلوا إلى هؤلاء المهلكين {أَلاَّ تَعْبُدُواْ} أي: بأن لا تعبدوا {إِلاَّ ٱللّه قَالُواْ لَوْ شَاء رَبُّنَا} أي: لو أراد دعوة الخلق {لاَنزَلَ مَلَـٰئِكَةً}.

قوله تعالى: {فَٱسْتَكْبَرُواْ} أي: تكبروا عن الإيمان وعملوا بغير الحق. وكان هود قد تهددهم بالعذاب فقالوا: نحن نقدر على دفعه بفضل قوتنا. والآيات هاهنا: الحجج.

وفي الريح الصرصر أربعة أقوال:

أحدها: أنها الباردة، قاله ابن عباس، وقتادة، والضحاك. وقال الفراء: هي الريح الباردة تحرق كالنار، وكذلك قال الزجاج: هي الشديدة البرد جدا، فالصرصر متكرر فيها البرد، كما تقول: أقللت الشيء وقلقلته، فأقللته بمعنى رفعته، وقلقلته: كررت رفعه.

والثاني: أنها الشديدة السموم، قاله مجاهد.

والثالث: الشديدة الصوت، قاله السدي، وأبو عبيدة، وابن قتيبة.

والرابع: الباردة الشديدة، قاله مقاتل.

قوله تعالى: {فِى أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: {نَّحِسَاتٍ} بإسكان الحاء؛ وقرأ الباقون: بكسرها. قال الزجاج: من كسر الحاء، فواحدهن نحس. ومن أسكنها فواحدهن نحس، والمعنى: مشؤومات. وفي أول هذه الأيام ثلاثة أقوال:

أحدها: غداة يوم الأحد، قاله السدي.

والثاني: يوم الجمعة، قاله الربيع بن أنس.

والثالث: يوم الأربعاء، قاله يحيى بن سلام، والخزي: الهوان.

قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـٰهُمْ} فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: بينا لهم، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير. وقال قتادة: بينا لهم سبيل الخير والشر.

والثاني: دعوناهم، قاله مجاهد.

والثالث: دللناهم على مذهب الخير، قاله الفراء.

قوله تعالى: {فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ} أي: اختاروا الكفر على الإيمان، {فَأَخَذَتْهُمْ صَـٰعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ} أي: ذي الهوان، وهو الذي يهينهم.

﴿ ١٨