|
٢٥ قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء ٱللّه} وقرأ نافع: نحشر بالنون أعداء بالنصب. قوله تعالى: {فَهُمْ يُوزَعُونَ} أي: يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا. {حَتَّىٰ إِذَا مَا} يعني النار التي حشروا إليها {جَاءوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَـٰرُهُمْ وَجُلُودُهُم} وفي المراد بالجلود ثلاثة أقوال: أحدها: الأيدي والأرجل. والثاني: الفروج، رويا عن ابن عباس. والثالث: أنه الجلود نفسها، حكاه الماوردي. وقد أخرج مسلم في أفراده من حديث أنس بن مالك قال: كنا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فضحك فقال: هل تدرون مم أضحك؟ قال: قلنا: اللّه ورسوله أعلم. قال: من مخاطبة العبد ربه، يقول: يارب ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: لا أجيز علي إلا شاهدا مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا، وبالكرام الكاتبين شهودا، قال: فيختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام، فيقول: بعدا لكن وسحقا، فعنكن كنت أناضل. قوله تعالى: {قَالُواْ أَنطَقَنَا ٱللّه ٱلَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْء} أي:مما نطق. وهاهنا تم الكلام. وما بعده ليس من جواب الجلود. قوله تعالى: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَـٰرُكُمْ} روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن مسعود قال: كنت مستترا بأستار الكعبة، فجاء ثلاثة نفر، قرشي وختناه ثقفيان، أو ثقفي وختناه قرشيان، كثير شحم بطونهم، قليل فقه قلوبهم، فتكلموا بكلام لم أسمعه، فقال أحدهم: أترون اللّه يسمع كلامنا هذا؟ فقال الآخران: إنا إذا رفعنا أصواتنا سمعه، وإن لم نرفع لم يسمع، وقال الآخر: إن سمع منه شيئا سمعه كله، فذكرت ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأنزل اللّه تعالى: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ} إلى قوله: {مّنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ} ومعنى تستترون: تستخفون أن يشهد أي: من أن يشهد عليكم سمعكم لأنكم لا تقدرون على الاستخفاء من جوارحكم، ولا تظنون أنها تشهد {وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللّه لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مّمَّا تَعْمَلُونَ} قال ابن عباس: كان الكفار يقولون: إن اللّه لا يعلم ما في أنفسنا، ولكنه يعلم ما يظهر، {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ} أي: أن اللّه لا يعلم ما تعملون، {أَرْدَاكُمْ} أهلككم. {فَإِن يَصْبِرُواْ} أي: على النار فهي مسكنهم، {وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ} أي: يسألوا أن يرجع لهم إلى ما يحبون، لم يرجع لهم، لأنهم لا يستحقون ذلك. يقال: أعتبني فلان، أي: أرضاني بعد إسخاطه إياي. واستعتبته، أي: طلبت منه أن يعتب أي: يرضى. قوله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء} أي: سببنا لهم قرناء من الشياطين {فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: ما بين أيديهم: من أمر الآخرة أنه لا جنة ولا نار ولا بعث ولا حساب، وما خلفهم: من أمر الدنيا، فزينوا لهم اللذات وجمع الأموال وترك الإنفاق في الخير. والثاني: ما بين أيديهم: من أمر الدنيا، وما خلفهم: من أمر الآخرة، على عكس الأول. والثالث: ما بين أيديهم: ما فعلوه، وما خلفهم: ما عزموا على فعله. وباقي الآية قد تقدم تفسيره [الاسراء/ ١٦] [الأعراف/ ٣٨]. |
﴿ ٢٥ ﴾