٣٢

قوله تعالى: {وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} لما دخلوا النار {رَبَّنَا أَرِنَا ٱللَّذَيْنِ أَضَلَّـٰنَا} وقرأ ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: {أَرِنَا} بسكون الراء.

قال المفسرون: يعنون إبليس وقابيل، لأنهما سنا المعصية، {نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلاْسْفَلِينَ} أي: في الدرك الأسفل، وهو أشد عذابا من غيره. ثم ذكر المؤمنين فقال: {إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللّه} أي: وحدوه

{ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ} فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: استقاموا على التوحيد، قاله أبو بكر الصديق، ومجاهد.

والثاني: على طاعة اللّه وأداء فرائضه، قاله ابن عباس، والحسن، وقتادة.

والثالث: على الإخلاص والعمل إلى الموت، قاله أبو العالية، والسدي، وروى عطاء عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق، وذلك أن المشركين قالوا: ربنا اللّه، والملائكة بناته، وهؤلاء شفعاؤنا عند اللّه، فلم يستقيموا، وقالت اليهود: ربنا اللّه، وعزيز ابنه، ومحمد ليس بنبي، فلم يستقيموا، وقالت النصارى: ربنا اللّه، والمسيح ابنه، ومحمد ليس بنبي، فلم يستقيموا، وقال أبو بكر: ربنا اللّه وحده، ومحمدليس بنبي، فلم يستقيموا، وقال أبو بكر: ربنا اللّه وحده، ومحمد عبده ورسوله، فاستقام.

قوله تعالى: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ} أي: بأن لا تخافوا. وفي وقت نزولها عليهم قولان:

أحدهما: عند الموت، قاله ابن عباس، ومجاهد. فعلى هذا في معنى {لا تَخَافُواْ} قولان.

أحدهما: {لا تَخَافُواْ} الموت {وَلاَ تَحْزَنُواْ} على أولادكم قاله مجاهد.

والثاني: لا تخافوا ما أمامكم، ولا تحزنوا على ما خلفكم، قاله عكرمة، والسدي.

والقول الثاني: تتنزل عليهم إذا قاموا من القبور قاله قتادة فيكون معنى لا تخافوا أنهم يبشرونهم بزوال الخوف والحزن يوم القيامة.

قوله تعالى: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ}

قال المفسرون: هذا قول الملائكة لهم والمعنى: نحن الذين كنا نتولاكم في الدنيا لأن الملائكة تتولى المؤمنين وتحبهم لما ترى من أعمالهم المرفوعة إلى السماء {وَفِي ٱلاْخِرَةِ} أي ونحن معكم في الآخرة لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة وقال السدي: هم الحفظة على ابن آدم فلذلك قالوا {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلاْخِرَةِ}

وقيل: هم الملائكة الذين يأتون لقبض الأرواح.

قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا} أي: في الجنة. {نُزُلاً} قال الزجاج: معناه: أبشروا بالجنة تنزلونها نزلا. وقال الأخفش: لكم فيها ما تشتهي أنفسكم أنزلناه نزلا.

﴿ ٣٢