٤

فصل في نزولها روى العوفي وابن أبي طلحة عن ابن عباس أنها مكية. وبه قال الحسن، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والجمهور. وروي عن ابن عباس وقتادة أنهما قالا: فيها آية مدنية وهي قوله: {قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللّه} [الأحقاف/ ١٠] وقال مقاتل: نزلت بمكة غير آيتين قوله {قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللّه} [الأحقاف/ ١٠] وقوله: {فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ} [الأحقاف/ ٣٥] نزلتا بالمدينة وقد تقدم تفسير فاتحتها [المؤمن] [الحجر/ ٨٥] إلى قوله: {وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} وهو أجل فناء السموات والأرض وهو يوم القيامة.

قوله تعالى: {قُلْ أَرَءيْتُمْ} مفسر في [فاطر/ ٤٠] إلى قوله: {جِئْنَـٰهُمْ بِكِتَـٰبٍ} وفي الآية اختصار تقديره: فإن ادعوا أن شيئا من المخلوقات صنعة آلهتهم فقل لهم إيتوني بكتاب {مّن قَبْلِ هَـٰذَا} أي: من قبل القرآن فيه برهان ما تدعون من أن الأصنام شركاء اللّه

{أَوْ أَثَـٰرَةٍ مّنْ عِلْمٍ} وفيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه الشيء يثيره مستخرجه، قاله الحسن.

والثاني: بقية من علم تؤثر عن الأولين، قاله ابن قتيبة. وإلى نحوه ذهب الفراء وأبو عبيدة.

والثالث: علامة من علم، قاله الزجاج. وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين، وأيوب السختياني، ويعقوب:

{أَثَـٰرَةٍ} بفتح الثاء مثل شجرة ثم ذكروا في معناها ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه الخط، قاله ابن عباس، وقال هو خط كانت العرب تخطه في الأرض. قال أبو بكر بن عياش الخط هو العيافة.

والثاني: أو علم تأثرونه عن غيركم، قاله مجاهد.

والثالث: خاصة من علم، قاله قتادة. وقرأ أبي بن كعب، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وقتادة، والضحاك، وابن يعمر: {أَثَـٰرَةٍ} بسكون الثاء من غير ألف بوزن نظرة. وقال الفراء: قرئت أثارة وأثره، وهي لغات ومعنى الكل: بقية من علم ويقال أو شيء مأثور من كتب الأولين فمن قرأ أثارة فهو المصدر مثل قولك السماحة والشجاعة. ومن قرأ أثرة فإنه بناه على الأثر. كما قيل: قترة ومن قرأ أثرة فكأنه أراد مثل قوله الخطفة [الصافات/ ١٠] والرجفة [الأعراف/ ٧٨]. وقال اليزيدي: الأثارة: البقية؛ والأثرة مصدر أثره يأثره، أي: يذكره ويرويه ومنه حديث مأثور.

﴿ ٤