١٧

قوله تعالى: {سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ} المعنى: إن كنتم تريدون الغزو والغنيمة فستدعون إلى جهاد قوم

{أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ} وفي هؤلاء القوم ستة أقوال:

أحدها: أنهم فارس، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال عطاء ابن أبي رباح، وعطاء الخراساني، وابن أبي ليلى، وابن جريج في آخرين.

والثاني: فارس والروم، قاله الحسن، و رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد.

والثالث: أنهم أهل الأوثان، رواه ليث عن مجاهد.

والرابع: أنهم الروم، قاله كعب.

والخامس: أنهم هوازن وغطفان وذلك يوم حنين، قاله سعيد بن جبير، وقتادة.

والسادس: بنو حنيفة يوم اليمامة وهم أصحاب مسيلمة الكذاب، قاله الزهري وابن السائب، ومقاتل. قال مقاتل: خلافة أبي بكر في هذه بينة مؤكدة وقال رافع بن خديج: كنا نقرأ هذه الآية ولا نعلم من هم حتى دعي أبو بكر إلى قتال بني حنيفة فعلمنا أنهم هم. وقال بعض أهل العلم: لا يجوز أن تكون هذه الآية إلا في العرب لقوله: {تُقَـٰتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} وفارس والروم إنما يقاتلون حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية، وقد استدل جماعة من العلماء على صحة إمامة أبي بكر وعمر بهذه الآية، لأنه إن أريد بها بنو حنيفة فأبو بكر دعا إلى قتالهم، وإن أريد بها فارس والروم فعمر دعا إلى قتالهم. والآية تلزمهم اتباع من يدعوهم وتتوعدهم على التخلف بالعقاب. قال القاضي أبو يعلى: وهذا يدل على صحة إمامتها إذا كان المتولي عن طاعتهما مستحقا للعقاب.

قوله تعالى: {فَإِن تُطِيعُواْ} قال ابن جريج: فإن تطيعوا أبا بكر وعمر {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ} عن طاعتهما {كَمَا تَوَلَّيْتُمْ} عن طاعة محمد صلى اللّه عليه وسلم في المسير إلى الحديبية. وقال الزجاج: المعنى: إن تبتم وتركتم نفاقكم وجاهدتم، يؤتكم اللّه أجرا حسنا، وإن توليتم فأقمتم على نفاقكم، وأعرضتم عن الإيمان والجهاد كما توليتم على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعذبكم عذابا أليما.

قوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى ٱلاْعْمَىٰ حَرَجٌ}

قال المفسرون: عذر اللّه أهل الزمانة الذين تخلفوا عن المسير إلى الحديبية بهذه الآية.

قوله تعالى: {يُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ} قرأ نافع، وابن عامر: {ندخله} و{فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ} بالنون فيهما؛ والباقون: بالياء.

﴿ ١٧