|
١٨ قوله تعالى: {قَالَتِ ٱلاْعْرَابُ ءامَنَّا} قال مجاهد: نزلت في أعراب بني أسد ابن خزيمة ووصف غيره حالهم فقال: قدموا المدينة في سنة مجدبة فأظهروا الإسلام ولم يكونوا مؤمنين وأفسدوا طرق المدينة بالعذرات وأغلوا أسعارهم وكانوا يمنون على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيقولون: أتيناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك. فنزلت فيهم هذه الآية. وقال السدي: نزلت في أعراب مزينة وجهينة وأسلم وأشجع وغفار وهم الذين ذكرهم اللّه تعالى في سورة الفتح وكانوا يقولون آمنا باللّه ليأمنوا على أنفسهم فلما استنفروا إلى الحديبية تخلفوا فنزلت فيهم هذه الآية. وقال مقاتل: كانت منازلهم بين مكة والمدينة فكانوا إذا مرت بهم سرية من سرايا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالوا آمنا ليأمنوا على دمائهم وأموالهم، فلما سار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الحديبية استنفرهم فلم ينفروا معه. قوله تعالى: {قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ} أي لم تصدقوا {وَلَـٰكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا} قال ابن قتيبة: أي استسلمنا من خوف السيف وانقدنا. قال الزجاج: الإسلام إظهار الخضوع والقبول لما أتى به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبذلك يحقن الدم فإن كان معه اعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الإيمان فأخرج اللّه هؤلاء من الإيمان بقوله {وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلاْيمَـٰنُ فِى قُلُوبِكُمْ} أي لم تصدقوا إنما أسلمتم تعوذا من القتل. وقال مقاتل: ولما بمعنى ولم يدخل التصديق في قلوبكم. قوله تعالى: {وَإِن تُطِيعُواْ ٱللّه وَرَسُولَهُ} قال ابن عباس إن تخلصوا الإيمان {لا} قرأ أبو عمرو {يألتكم} بألف وهمز وروي عنه بألف ساكنة مع ترك الهمزة. وقرأ الباقون {لاَ يَلِتْكُمْ} بغير ألف ولا همز. فقراءة أبي عمرو من ألت يألت. وقراءة الباقين من لات يليت. قال الفراء: وهما لغتان قال الزجاج: معناهما واحد والمعنى: لا ينقصكم وقال أبو عبيدة: فيها ثلاث لغات ألت يألت تقديرها أفك يأفك، وألات يليت تقديرها أقال يقيل، ولات يليت قال رؤبة: وليلة ذات ندى سريت ولم يلتني عن سراها ليت قوله تعالى: {مّنْ أَعْمَـٰلِكُمْ} أي من ثوابها ثم نعت الصادقين في إيمانهم بالآية التي تلي هذه ومعنى {يَرْتَابُواْ} يشكوا. وإنما ذكر الجهاد، لأن الجهاد مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان فرضا في ذلك الوقت، {أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} في إيمانهم، فلما نزلت هاتان الآيتان أتو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحلفون أنهم مؤمنون صادقون، فنزلت هذه الآية. قوله تعالى: {قُلْ أَتُعَلّمُونَ ٱللّه بِدِينِكُمْ} وعلم بمعنى أعلم ولذلك دخلت الباء في قوله: {بِدِينِكُمْ} والمعنى: أتخبرون اللّه بالدين الذي أنتم عليه؟ٰ أي: هو عالم بذلك لا يحتاج إلى أخباركم؛ وفيهم نزل قوله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ} قالوا: أسلمنا ولم نقاتلك، واللّه أعلم. |
﴿ ١٨ ﴾