٥ قوله تعالى: {ق} قرأ الجمهور: بإسكان الفاء. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو المتوكل، وأبو رجاء، وأبو الجوزاء، قاف بنصب الفاء. وقرأ أبو رزين، وقتادة، قاف برفع الفاء. وقرأ الحسن، وأبو عمران، قاف بكسر الفاء وفي «ق» خمسة أقوال: أحدها: أنه قسم أقسم اللّه به وهو من أسمائه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: أنه جبل من زبر جدة خضراء، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وروى عكرمة، عن ابن عباس قال: خلق اللّه جبلا يقال له «ق» محيط بالعالم وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض، فإذا أراد اللّه عز وجل أن يزلزل قرية، أمر ذلك الجبل فحرك العرق الذي يلي تلك القرية. وقال مجاهد: هو جبل محيط بالأرض. وروي عن الضحاك أنه من زمردة خضراء، وعليه كنفا السماء، وخضرة السماء منه. والثالث: أنه جبل من نار في النار، قاله الضحاك في رواية عنه عن ابن عباس. والرابع: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة. والخامس: أنه حرف من كلمة. ثم فيه خمسة أقوال: أحدها: أنه افتتاح اسمه قدير، قاله أبو العالية. والثاني: أنه افتتاح أسمائه القدير، والقاهر، والقريب، ونحو ذلك. قاله القرظي. والثالث: أنه افتتاح «قضي الأمر»، وانشدوا: قلنا لها قفي فقالت قاف عناه: أقف، فاكتفت بالقاف من أقف، حكاه جماعة منهم الزجاج. والرابع: قف عند أمرنا ونهينا ولا تعدهما، قاله أبو بكر الوراق. والخامس: قل يا محمد، حكاه الثعلبي. قوله تعالى: {وَٱلْقُرْءانِ ٱلْمَجِيدِ} قال ابن عباس، وابن جبير: المجيد: الكريم. وفي جواب هذا القسم أربعة أقوال: أحدها: أنه مضمر، تقديره: ليبعثن بعد الموت. قاله الفراء، وابن قتيبة، ويدل عليه قول الكفار: {هَـٰذَا شَىْء عَجِيبٌ}. والثاني: أنه قوله: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلاْرْضَ مِنْهُمْ}، فيكون المعنى: قاف والقرآن المجيد لقد علمنا، فحذفت اللام لأن ما قبلها عوض منها، كقوله: {وَٱلشَّمْسِ وَضُحَـٰهَا قَدْ أَفْلَحَ} أي: لقد أفلح، أجاز هذا القول الزجاج. والثالث: أنه قوله: {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ} حكي عن الأخفش. والرابع: أنه في سورة أخرى، حكاه أبو سليمان الدمشقي، ولم يبين في أي سورة. قوله تعالى: {بَلْ عَجِبُواْ} مفسر في [ص/ ٤] إلى قوله: {شَىْء عَجِيبٌ} أي: معجب. {أَءذَا مِتْنَا} قال الأخفش: هذا الكلام على جواب، كأنه قيل لهم: إنكم ترجعون، فقالوا: أئذا متنا وكنا ترابا؟ وقال غيره: تقدير الكلام: ق والقرآن ليبعثن، فقال: أئذا متنا وكنا ترابا والمعنى: أنبعث إذا كنا كذلك، وقال ابن جرير: لما تعجبوا من وعيد اللّه على تكذيبهم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: {هَـٰذَا شَىْء عَجِيبٌ} كان كأنه قال لهم: ستعلمون إذا بعثتم ما يكون حالكم في تكذيبكم محمدا، فقالوا: أئذا متنا وكنا ترابا. قوله تعالى: {ذَلِكَ رَجْعُ} أي: رد إلى الحياة {بَعِيدٍ} قال ابن قتيبة: أي: لا يكون. {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلاْرْضَ مِنْهُمْ} أي: ما تأكل من لحومهم ودمائهم وأشعارهم إذا ماتوا يعني أن ذلك لا يعزب عن علمه {وَعِندَنَا} مع علمنا بذلك {كِتَـٰبٌ حَفِيظٌ} أي: حافظ لعددهم وأسمائهم، ولما تنقص الأرض منهم وهو اللوح المحفوظ قد أثبت فيه ما يكون. {بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقّ} وهو القرآن والمريج: المختلط قال ابن قتيبة: يقال مرج أمر الناس ومرج الدين. وأصل هذا أن يقلق الشيء ولا يستقر، يقال: مرج الخاتم في يدي، إذا قلق للّهزال قال المفسرون: ومعنى اختلاط أمرهم أنهم كانوا يقولون للنبي صلى اللّه عليه وسلم: مرة ساحر، ومرة شاعر، ومرة معلم،ويقولون للقرآن مرة سحر، ومرة مفترى، ومرة رجز، فكان أمرهم ملتبسا مختلطا عليهم. |
﴿ ٥ ﴾