٣٧

قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرٰهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ} «هل» بمعنى: «قد» في قول ابن عباس ومقاتل فيكون المعنى: قد أتاك فاستمع نقصصه عليك، وضيفه: هم الذين جاؤوا بالبشرى وقد ذكرنا عددهم في [هود/٧٠] وذكرنا هناك معنى الضيف.

وفي معنى: «المكرمين» أربعة أقوال:

أحدهما: لأنه أكرمهم بالعجل، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.

والثاني: بأن خدمهم هو وامرأته بأنفسهما قاله السدي.

والثالث: أنهم مكرمون عند اللّه قاله عبد العزيز بن يحيى.

والرابع: لأنهم أضياف، والأضياف مكرمون، قاله أبو بكر الوراق.

قوله تعالى: {فَقَالُواْ سَلامًا} قد ذكرناه في [هود/٧٠].

قوله تعالى: {قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} قال الزجاج: ارتفع على معنى: أنتم قوم منكرون.

وللمفسرين في سبب إنكارهم أربعة أقوال.

أحدها: لأنه لم يعرفهم، قاله ابن عباس.

والثاني: لأنهم سلموا عليه فأنكر سلامهم، في ذلك الزمان وفي تلك الأرض، قاله أبو العالية.

والثالث: لأنهم دخلوا عليه من غير استئذان.

والرابع: لأنه رأى فيهم صورة البشر وصورة الملائكة.

قوله تعالى: {فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ} قال ابن قتيبة: أي: عدل إليهم في خفية، ولا يكون الرواغ إلى أن تخفي ذهابك ومجيئك.

قوله تعالى: {فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ} وكان مشويا {فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} قال الزجاج: والمعنى: فقربه إليهم ليأكلوا منه فلم يأكلوا فقال: ألا تأكلون؟ٰ على النكير، أي: أمركم في ترك الأكل مما أنكره.

قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} قد شرحناه في [هود: ٧٠] وذكرنا معنى «غلام عليم» في [الحجر: ٥٤].

{فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ} وهي: سارة. قال الفراء وابن قتيبة: لم تقبل من موضع إلى موضع، وإنما هو كقولك: أقبل يشتمني، وأقبل يصيح ويتكلم، أي: أخذ في ذلك، والصرة: الصيحة. وقال أبو عبيدة: الصرة: شدة الصوت. وفيما قالت في صيحتها قولان.

أحدهما: أنها تأوهت، قال قتادة.

والثاني: أنها قالت: يا ويلتا، ذكره الفراء.

قوله تعالى: {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} فيه قولان.

أحدهما: لطمت وجهها، قاله ابن عباس.

والثاني: ضربت جبينها تعجبا، قاله مجاهد. ومعنى الصك: ضرب الشيء بالشيء العريض. {وَقَالَتْ عَجُوزٌ} قال الفراء: هذا مرفوع بإضمار «أتلد عجوز». وقال الزجاج: المعنى: أنا عجوز عقيم، فكيف ألد؟ٰ وقد ذكرنا معنى {ٱلْعَقِيمَ} في [هود: ٧٢].

{قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ} أنك ستلدين غلاما؛ والمعنى: إنما نخبرك عن اللّه عز وجل وهو حكيم عليم يقدر أن يجعل العقيم ولودا، فعلم حينئذ إبراهيم أنهم ملائكة. {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ} مفسر في [الحجر: ٥٧]. قوله تعالى: {حِجَارَةً مّن طِينٍ} قال ابن عباس: هو الآجر.

قوله تعالى: {مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبّكَ} قد شرحناه في [هود: ٨٣]. قوله تعالى: {لِلْمُسْرِفِينَ} قال ابن عباس: للمشركين.

قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا}،أي: من قرى لوط {مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ} وذلك قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} الآية [هود: ٨٢]. {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ} وهو لوط وابنتاه، وصفهم اللّه عز وجل بالإيمان والإسلام، لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم.

{وَتَرَكْنَا فِيهَا ءايَةً} أي: علامة للخائفين من عذاب اللّه تدلهم على أن اللّه أهلكهم. وقد شرحنا هذا في {ٱلْعَنكَبُوتِ} وبينا المكني عنها.

﴿ ٣٧