٥١

له تعالى: {وَفِى مُوسَىٰ} أي: وفيه أيضا آية {إِذْ أَرْسَلْنَـٰهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ} أي: بحجة ظاهرة {فَتَوَلَّىٰ} أي: أعرض {بِرُكْنِهِ} قال مجاهد: بأصحابه. وقال أبو عبيدة: «بركنه» و«بجانبه» سواء إنما هي ناحيته، وقال ساحر: أي وقال لموسى هذا ساحر {أَوْ مَجْنُونٌ} وكان أبو عبيدة يقول «أو» بمعنى الواو فأما اليم فقد ذكرناه في [الأعراف: ١٣٦] ومليم في [الصافات: ١٤٢].

قوله تعالى: {وَفِى عَادٍ} أي: في إهلاكهم آية أيضا {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرّيحَ ٱلْعَقِيمَ} وهي التي لا خير فيها ولا بركة، لا تلقح شجرا ولا تحمل مطرا، وإنما هي للإهلاك. وقال سعيد بن المسيب: هي الجنوب. {مَا تَذَرُ مِن شَىْء أَتَتْ عَلَيْهِ} أي: من أنفسهم وأوالهم {إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ} أي: كالشيء الهالك البالي. قال الفراء: الرميم نبات الأرض إذا يبس وديس. وقال الزجاج: الرميم الورق الجاف المتحطم مثل الهشيم. {وَفِى ثَمُودَ} آية أيضا {إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ} فيه قولان:

أحدهما: أنه قيل لهم تمتعوا في الدنيا إلى وقت انقضاء آجالكم تهددا لهم.

والثاني: أن صالحا قال لهم بعد عقر الناقة: تمتعوا ثلاثة أيام؛ فكان الحين وقت فناء آجالهم، {فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ} قال مقاتل: عصوا أمره فأخذتهم الصاعقة يعني العذاب وهو الموت من صيحة جبريل. وقرأ الكسائي وحده «الصعْقَة» بسكون العين من غير ألف، وهي الصوت الذي يكون عن الصاعقة.

قوله تعالى: {وَهُمْ يَنظُرُونَ} فيه قولان:

أحدهما: يرون ذلك عيانا.

والثاني: وهم ينتظرون العذاب، فأتاهم صيحة يوم السبت.

قوله تعالى: {فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ مِن قِيَامٍ} فيه قولان:

أحدهما: ما استطاعوا نهوضا من تلك الصرعة.

والثاني: ما أطاقوا ثبوتا لعذاب اللّه. {وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ} أي: ممتنعين من العذاب.

قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ مّن قَبْلُ} قرأ أبو عمرو إلا عبد الوارث، وحمزة، والكسائي: بخفض الميم، وروى عبد الوارث رفع الميم، والباقون بنصبها. قال الزجاج: من خفض القوم فالمعنى: وفي قوم نوح آية، ومن نصب فهو عطف على معنى قوله «فأخذتهم الصاعقة» فإن معناه أهلكناهم، فيكون المعنى: وأهلكنا قوم نوح، والأحسن واللّه أعلم أن يكون محمولا على قوله «فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم» لأن المعنى أغرقناه، وأغرقنا قوم نوح.

{وَٱلسَّمَاء بَنَيْنَـٰهَا} المعنى: وبنينا {ٱلسَّمَاء * بَنَيْنَـٰهَا بِأَيْدٍ} أي: بقوة وكذلك قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة وسائر المفسرين واللغويين «بأيد» أي: بقوة.

وفي قوله: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} خمسة أقوال:

أحدها: لموسعون الرزق بالمطر، قاله الحسن.

والثاني: لموسعون السماء، قاله ابن زيد.

والثالث: لقادرون، قاله ابن قتيبة.

والرابع: لموسعون ما بين السماء والأرض، قاله الزجاج.

والخامس: لذو سعة لا يضيق عما يريد، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: {وَٱلاْرْضَ فَرَشْنَـٰهَا فَنِعْمَ ٱلْمَـٰهِدُونَ} قال الزجاج: هذا عطف على ما قبله منصوب بفعل مضمر محذوف يدل عليه قوله:

«فرشناها» فالمعنى: فرشنا الأرض فرشناها «فنعم الماهدون» أي: فنعم الماهدون نحن. قال مقاتل: فرشناها أي بسطناها مسيرة خمسمائة عام وهذا بعيد. وقد قال قتادة: الأرض عشرون ألف فرسخ واللّه تعالى أعلم.

قوله تعالى: {وَمِن كُلّ شَىْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} أي: صنفين ونوعين كالذكر والأنثى، والبر والبحر والليل والنهار، والحلو والمر، والنور والظلمة، وأشباه ذلك {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فتعلموا أن خالق الأزواج واحد. {فَفِرُّواْ إِلَى ٱللّه} بالتوبة من ذنوبكم؛ والمعنى: اهربوا مما يوجب العقاب من الكفر والعصيان إلى ما يوجب الثواب من الطاعة والإيمان.

﴿ ٥١