١١

قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللّه} هذا استفهام إنكار، والمعنى: أي شيء لكم من الثواب في الآخرة إذا لم تؤمنوا باللّه {وَقَدْ أَخَذَ مِيثَـٰقَكُمْ} قرأ أبو عمرو «أخذ» بالرفع. وقرأ الباقون «أخذ» بفتح الخاء {مِيثَـٰقَكُمْ} بالفتح. والمراد به: حين أخرجتم من ظهر آدم {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} بالحجج والدلائل.

قوله تعالى: {هُوَ ٱلَّذِى يُنَزّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ} يعني: محمدا صلى اللّه عليه وسلم {بَيّنَاتٍ فَٱسْأَلْ} يعني: القرآن {لِيُخْرِجَكُمْ مّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ} يعني الشرك {إِلَىٰ} نور الإيمان {وَإِنَّ ٱللّه بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} حين بعث الرسول ونصب الأدلة. ثم حثهم على الإنفاق فقال: {ٱلاْرْضِ} أي: أي شيء لكم في ترك الإنفاق مما يقرب إلى اللّه عز وجل وأنتم ميتون تاركون أموالكم؟ٰ ثم بين فضل من سبق بالإنفاق فقال:

{لاَ يَسْتَوِى مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ} وفيه قولان:

أحدهما: أنه فتح مكة، قاله ابن عباس، والجمهور.

والثاني: أنه فتح الحديبية، قاله الشعبي. والمعنى: لا يستوي من أنفق قبل ذلك {وَقَـٰتَلَ} ومن فعل ذلك بعد الفتح.

قال المفسرون: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق.

{أُوْلَـئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً} قال ابن عباس: أعظم منزلة عند اللّه. قال عطاء: درجات الجنة تتفاضل، فالذين أنفقوا من قبل الفتح في أفضلها. قال الزجاج: لأن المتقدمين كانت بصائرهم أنفذ، ونالهم من المشقة أكثر {وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللّه ٱلْحُسْنَىٰ} أي: وكلا الفرقين وعده اللّه الجنة. وقرأ ابن عامر «وكل» بالرفع.

قوله تعالى: {مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقْرِضُ ٱللّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} قرأ ابن كثير، وابن عامر «فيضعفه» مشددة بغير ألف، إلا أن ابن كثير يضم الفاء، وابن عامر يفتحها. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي «فيضاعفه» بالألف وضم الفاء، وافقهم عاصم، إلا أنه فتح الفاء. قال أبو علي: يضاعف ويضعف بمعنى واحد، إلا أن الرفع في «يضاعف» هو الوجه، لأنه محمول على «يقرض». أو على الانقطاع من الأول، كأنه قال: فهو يضاعف. ويحمل قول الذي نصب على المعنى، لأنه إذا قال: من ذا الذي يقرض اللّه، معناه: أيقرض اللّه أحد قرضا فيضاعفه. والآية مفسرة في {البقرة: ٢٤٥} والأجر الكريم: الجنة.

﴿ ١١