|
١٩ قوله تعالى: {الم * تَرَى * إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللّه عَلَيْهِم} نزلت في المنافين الذين تولوا اليهود، ونقولوا إليهم أسرار المؤمنين. وقال السدي، ومقاتل: نزلت في عبد اللّه بن نبتل المنافق، وذلك أنه كان يجالس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويرفع حديثه إلى اليهود، فدخل عليه يوما، وكان أزرق، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فحلف باللّه ما فعل، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم: «فعلت» فانطلق فجاء بأصحابه، فحلفوا باللّه ما سبوه، فأنزل اللّه هذه الآيات. وروى الحاكم أبو عبد اللّه في «صحيحه» من حديث ابن عباس، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان في ظل حجرة من حجره، وعنده نفر من المسلمين، فقال: إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان، فإذا أتاكم فلا تكلموه فجاء رجل أزرق، فدعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: علام تشتمني أنت وفلان وفلان؟ فانطلق الرجل فدعاهم، فحلفوا باللّه واعتذروا إليه، فأنزل اللّه تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللّه جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ} الآية. فأما التفسير، الذين تولوا: هم المنافقون، والمغضوب عليهم: هم اليهود {مَّا هُم مّنكُمْ} يعني: المنافين ليسوا من المسلمين، ولا من اليهود {وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ} وهو ما ذكرنا في سبب نزولها وقال بعضهم حلفوا أنهم ما سبوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولا تولوا اليهود {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم كذبة {ٱتَّخَذْواْ أَيْمَـٰنَهُمْ جُنَّةً} أي:سترة يتقون بها القتل. قال ابن قتيبة: المعنى: استتروا بالحلف فكلما ظهر لهم شيء يوجب معاقبتهم حلفوا كاذبين، {فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللّه} فيه قولان: أحدهما: صدوا الناس عن دين الإسلام قاله السدي. والثاني: صدوا عن جهادهم بالقتل وأخذ مالهم. قوله تعالى: {فَيَحْلِفُونَ لَهُ} قال مقاتل، وقتادة: يحلفون للّه في الآخرة أنهم كانوا مؤمنين، كما حلفوا لأوليائه في الدنيا {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَىْء} من أيمانهم الكاذبة {أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ} في قولهم وأيمانهم. قوله تعالى: {ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ} قال أبو عبيدة: غلب عليهم، وحاذهم، وقد بينا هذا في سورة {ٱلنّسَاء} عند قوله تعالى: {نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ} [آية:١٤١] وما بعد هذا ظاهرا إلى قوله تعالى: {أُوْلَـئِكَ فِى ٱلاْذَلّينَ} أي: في المغلوبين، فلهم في الدنيا ذل، وفي الآخرة خزي. |
﴿ ١٩ ﴾