|
١٤ قوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَـٰرَةٍ} قال المفسرون: نزلت: هذه الآية حين قالوا: لو علمنا أي الأعمال أحب إلى اللّه لعملنا به أبدا، فدلهم اللّه على ذلك، وجعله بمنزلة التجارة لمكان ربحهم فيه. قوله تعالى: {تُنجِيكُم} قرأ ابن عامر «تنجيِّكم» بالتشديد وقرأ الباقون بالتخفيف. ثم بين التجارة، فقال تعالى: {تُؤْمِنُونَ بِٱللّه} إلى قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ} قال الزجاج: وقوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ} جواب قوله: {وَتُجَـٰهِدُونَ}، لأن معناه معنى الأمر. والمعنى: آمنوا باللّه وجاهدوا، يغفر لكم أي إن فعلتم ذلك يغفر لكم وقد غلط بعض النحويين، فقال: هذا جواب «هل» وهذا غلط بين، لأنه ليس إذا دلهم على ما ينفعهم غفر لهم، إنما يغفر لهم إذا عملوا بذلك. ومن قرأ «يغفر لهم» بإدغام الراء في اللام، فغير جائز عند سيبويه، والخليل، لأنه لا تدغم الراء في اللام في قولهم. وقد رويت عن ابي عمرو بن العلاء، وهو إمام عظيم، ولا أحسبه قرأها إلا وقد سمعها من العرب. وقد زعم سيبويه، والخليل وجميع البصريين، ما خلا أبا عمرو، أن اللام تدغم في الراء، وأن الراء لا تدغم في اللام، وحجتهم أن الراء حرف مكرر قوي، فإذا أدغمت في اللام ذهب التكرير منها، وما بعد هذا قد سبق إلى قوله تعالى:{وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا} قال الفراء: والمعنى: ولكم في العاجل مع ثواب الآخرة أخرى تحبونها، ثم فسرها فقال تعالى: {نَصْرٌ مّن ٱللّه وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} وفيه قولان: أحدهما: أنه فتح مكة، قاله ابن عباس. والثاني: فتح فارس والروم، قاله عطاء. قوله تعالى: {وَبَشّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ} أي: بالنصر في الدنيا، والجنة في الآخرة، ثم حضهم على نصر دينه بقوله تعالى {كُونُواْ أَنصَـٰرَ ٱللّه} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، «كونوا أنصارا للّه» منونة وقرأ عاصم وابن عامر، وحمزة، والكسائي، «أنصار اللّه» ومعنى الآية: دوموا على ما أنتم عليه، وانصروا دين اللّه، مثل نصرة الحواريين لما قال لهم عيسى: {مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللّه} وحرك نافع ياء «من أنصاري إلى اللّه» وقد سبق تفسير هذا الكلام [آل عمران:٥٢] {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ} من بني إسرائيل بعيسى {وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ} فأيدنا {ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} بعيسى {عَلَىٰ عَدُوّهِمْ} وهم مخالفو عيسى، كذلك قال ابن عباس، ومجاهد، والجمهور، وقال مقاتل: تم الكلام عند قوله تعالى: {وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ} {فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} بمحمد {عَلَىٰ عَدُوّهِمْ} فأصبحوا ظاهرين، بمحمد على الأديان، وقال إبراهيم النخعي: أصبح من آمن بعيسى ظاهرين بتصديق محمد صلى اللّه عليه وسلم، أن عيسى كلمة اللّه وروحه بتعليم الحجة قال ابن قتيبة: {فَأَصْبَحُواْ ظَـٰهِرِينَ} أي: غالبين عليهم بمحمد، من قولك ظهرت على فلان إذا علوته، وظهرت على السطح إذا صرت فوقه. |
﴿ ١٤ ﴾