٤

قوله تعالى: {هُوَ ٱلَّذِى بَعَثَ فِى ٱلامّيّينَ} يعني: العرب، وكانوا لا يكتبون وقد شرحنا هذا المعنى في [البقرة:٧٨] {رَسُولاً} يعني: محمدا صلى اللّه عليه وسلم {مِنْهُمْ} أي: من جنسهم ونسبهم.

فإن قيل: فما وجه الامتنان في أنه بعث نبيا أميا؟

فعنه ثلاثة أجوبة:

أحدها: لموافقة ما تقدمت البشارة به في كتب الأنبياء.

والثاني: لمشاكلة حاله لأحوالهم، فيكون أقرب لموافقتهم.

والثالث: لئلا يظن به أنه يعلم كتب من قبله. وما بعد هذا في سورة [البقرة:١٢٩] إلى قوله تعالى: {وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ}، أي: وما كانوا قبل بعثته إلا في {ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ} بين، وهو الشرك.

قوله تعالى: {وَءاخَرِينَ مِنْهُمْ} فيه قولان:

أحدهما: وبعث محمدا في آخرين منهم. أي: من الأميين.

والثاني: ويعلم آخرين منهم، ويزكيهم.

وفي المراد بالآخرين أربعة أقوال:

أحدها: أنهم العجم، قاله ابن عمر، وسعيد بن جبير، وهي رواية ليث عن مجاهد. فعلى هذا إنما قال: «منهم» لأنهم إذا أسلموا صاروا منهم، إذ المسلمون يد واحدة، وملة واحدة.

والثاني: أنهم التابعون، قاله عكرمة، ومقاتل.

والثالث: جميع من دخل في الإسلام إلى يوم القيامة، قاله ابن زيد، وهي رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد.

والرابع: أنهم الأطفال، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: {لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ} أي: لم يلحقوا بهم.

قوله تعالى: {ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللّه} يعني: الإسلام والهدى {وَٱللّه ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ} بإرسال محمد صلى اللّه عليه وسلم.

﴿ ٤