|
٨ ثم ضرب لليهود الذين تركوا العمل بالتوارة مثلا، فقال تعالى: {مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ} أي: كلفوا العمل بما فيه {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} أي: لم يعملوا بموجبها، ولم يؤدوا حقها {كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً * وَهِىَ * جَمَعَ سَفَرٍ * وَءاخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ * ذَلِكَ فَضْلُ ٱللّه يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَٱللّه ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ * مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ} ذم مثلهم، والمراد ذمهم، واليهود كذبوا بالقرآن وبالتوارة حين لم يؤمنوا بمحمد {وَٱللّه لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} أنفسهم بتكذيب الأنبياء. قوله تعالى: {إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء للّه} وذلك أن اليهود، قالوا: نحن ولد إسرائيل اللّه، بن ذبيح اللّه، بن خليل اللّه، ونحن أولى باللّه عز وجل من سائر الناس، وإنما تكون النبوة فينا. فقال اللّه عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام {قُلْ} لهم إن كنتم {أَوْلِيَاء للّه * فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ} لأن الموت خير لأولياء اللّه من الدنيا. وقد بينا هذا وما بعده في [البقرة:٩٤] إلى قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ} وذلك أن اليهود علموا أنهم أفسدوا على أنفسهم أمر الآخرة بتكذيبهم محمدا، وكانوا يكرهون الموت، فقيل لهم:لابد من نزوله بكم بقوله تعالى: {فَإِنَّهُ مُلَـٰقِيكُمْ} قال الفراء: العرب تدخل الفاء في كل خبر كان اسمه مما يوصل: مثل: «من» و «الذي» فمن فمن أدخل الفاء ها هنا ذهب «بالذي» إلى تأويل الجزاء. وفي قراءة عبد اللّه «إن الموت الذي تفرون منه ملاقيكم» وهذا على القياس، لأنك تقول: إن أخاك قائم، ولا تقول: فقائم، ولو قلت: إن ضاربك فظالم، لجاز، لأن تأويله: إن من يضربك فظالم. وقال الزجاج: إنما جاز دخول الفاء، لأن في الكلام معنى الشرط والجزاء. ويجوز أن يكون تمام الكلام عند قوله تعالى: «تفرون منه» كأنه قيل: إن فررتم من أي موت كان من قتل أو غيره «فإنه ملاقيكم» وتكون «فإنه» اسئنافا بعد الخبر الأول. |
﴿ ٨ ﴾