|
٨ قوله تعالى: {قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} وقاية النفس: بامتثال الأوامر، وإجتناب النواهي، ووقاية الأهل: بأن يؤمروا بالطاعة، وينهوا عن المعصية. وقال علي رضي اللّه عنه: علموهم وأدبوهم {وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ} وقد ذكرناه في {البقرة: ٢٤} {عَلَيْهَا مَلَـئِكَةٌ غِلاَظٌ} على أهل النار {شِدَادٌ} عليهم. وقيل: غلاظ القلوب شداد الأبدان. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: خزنة النار تسعة عشر، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة، وقوته: أن يضرب بالمقمعة، فيدفع بتلك الضربة سبعين ألفا. فيهوون في قعر جهنم {لاَّ يَعْصُونَ ٱللّه مَا أَمَرَهُمْ} أي: لا يخافون فيما يأمر {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} فيه قولان: احدهما: لا يتجاوزون ما يؤمرون. والثاني: يفعلونه في وقته لا يؤخرونه، ولا يقدمونه. ويقال لأهل النار: {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ}. قوله تعالى: {تُوبُواْ إِلَى ٱللّه تَوْبَةً نَّصُوحاً} قرأ أبو بكر عن عاصم، وخارجة عن نافع «نصوحا» بضم النون. والباقون بفتحها. قال الزجاج: فمن فتح فعلى صفة التوبة، ومعناه: توبة بالغة في النصح. و«فَعُول» من أسماء الفاعلين التي تستعمل للمبالغة في الوصف. تقول: رجل صبور، وشكور. ومن قرأ بالضم، فمعناه: ينصحون فيها نصوحا، يقال: نصحت له نصحا، ونصاحة، ونصوحا. وقال غيره:من ضم أراد: توبة نصح لأنفسكم. وقال عمر بن الخطاب: التوبة النصوح: أن يتوب العبد من الذنب وهو يحدث نفسه أنه لا يعود. وسئل الحسن البصري عن التوبة النصوح، فقال: ندم بالقلب، واستغفار باللسان، وترك بالجوارح، وإضمار أن لا يعود. وقال ابن مسعود: التوبة النصوح تكفر كل سيئة، ثم قرأ هذه الآية. قوله تعالى: {يَوْمٌ لاَّ يُخْزِى ٱللّه ٱلنَّبِىَّ} قد بينا معنى «الخزي» في {ءالَ عِمْرَانَ} وبينا معنى قوله تعالى: {نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـٰنِهِمْ} في {ٱلْحَدِيدَ} {يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} وذلك إذا رأى المؤمنون نور المنافقين يطفأ سألوا اللّه تعالى أن يتمم لهم نورهم، ويبلغهم به الجنة. قال ابن عباس: ليس أحد من المسلمين إلا يعطى نورا يوم القيامة. فأما المنافق فيطفأ نوره، والمؤمن مشفق مما رأى من إطفاء نور المنافق، فهم يقولون: «ربنا أتمم لنا نورنا». |
﴿ ٨ ﴾