٧

قوله تعالى: {ن} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، وحفص: {ن وَٱلْقَلَمِ} النون في آخر الهجاء من نون ظاهرة عندالواو، وهذا اختيار الفراء.

وروى أبو بكر عن عاصم أنه كان لا يبين النون من {نون} وبها قرأ الكسائي، وخلف، ويعقوب، وهو اختيار الزجاج. وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، وقتادة، والأعمش: «نون والقلم» بكسر النون. وقرأ الحسن، وأبو عمران، وأبو نهيك: «ن والقلم» برفع النون.

وفي معنى نون سبعة أقوال:

أحدها: أنها الدواة. روى أبو هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال:

أول ما خلق اللّه القلم، ثم خلق النون، وهي «الدواة» وهذا قول ابن عباس في رواية سعيد بن جبير، وبه قال الحسن وقتادة.

والثاني: أنه آخر حروف الرحمن، رواه عكرمة عن ابن عباس.

والثالث: أنه الحوت الذي على ظهر الأرض، وهذا المعنى في رواية أبي ظبيان عن ابن عباس، وهو مذهب مجاهد، والسدي، وابن السائب، ومقاتل.

والرابع: أنه لوح من نور، قاله معاوية بن قرة.

والخامس: أنه افتتاح اسمه «نصير» و«ناصر» قاله عطاء.

والسادس: أنه قسم بنصرة اللّه للمؤمنين، قاله القرظي.

والسابع: أنه نهر في الجنة، قاله جعفر الصادق.

وفي القلم قولان:

احدهما: أنه الذي كتب به في اللوح المحفوظ.

والثاني: أنه الذي يكتب به الناس. وإنما أقسم به، الأن كتبه إنما تكتب

و{يَسْطُرُونَ} بمعنى: يكتبون. وفي المشار إليهم قولان:

احدهما: أنهم الملائكة. وفيما أرادوا بما يكتبونه قولان:

احدهما: أنه الذكر، قاله مجاهد، والسدي.

والثاني: أعمال بني آدم، قاله مقاتل.

والقول الثاني: أنهم جميع الكتبة، حكاه الثعلبي {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ بِمَجْنُونٍ} أي: ما أنت بإنعام ربك عليك بالإيمان والنبوة بمجنون. قال الزجاج: هذا جواب قولهم: إنك لمجنون. وتأويله: فارقك الجنون بنعمة اللّه.

قوله تعالى:{وَإِنَّ لَكَ} بصبرك على افترائهم عليك، ونسبتهم إياك إلى الجنون {لاَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ} أي: غير مقطوع ولا منقوص،

{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: دين الإسلام، قاله ابن عباس.

والثاني: أدب القرآن، قاله الحسن.

والثالث: الطبع الكريم. وحقيقة «الخلق»: ما يأخذ به الإنسان نفسه من الآداب، فسمي خلقا، لأنه يصير كالخلقة في صاحبه. فأما ما طبع عليه فيسمى: «الخيم» فيكون الخيم الطبع الغريزي، والخلق: الطبع المتكلف. هذا قول الماوردي. وقد سئلت عائشة رضي اللّه عنها عن خلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالت: كان خلقه القرآن. تعني: كان على ما أمره اللّه به في القرآن.

قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ} يعني: أهل مكة. وهذا وعيد لهم بالعذاب. والمعنى: سترى ويرون إذا نزل بهم العذاب ببدر

{بِأَيّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ} وفيه أربعة أقوال:

أحدها: الضال، قاله الحسن.

والثاني: الشيطان، قاله مجاهد.

والثالث: المجنون، قاله الضحاك.

والمعنى: الذي قد فتن بالجنون.

والرابع: المعذب، حكاه الماوردي.وفي الباء قولان:

احدهما: أنها زائدة، قاله أبو عبيدة، وابن قتيبة، وانشدوا: نحن بنو جعدة أصحاب الفلج نضرب بالسيف ونرجو بالفرج

والثاني: أنها أصلية، وهذا قول الفراء، والزجاج. قال الزجاج: ليس كونها لغوا بجائز في العربية في قول أحد من أهلها.

وفي الكلام قولان للنحويين.

احدهما: أن «المفتون» ها هنا: الفتون. والمصادر تجيىء على المفعول. تقول العرب: ليس هذا معقود رأي، أي: عقد رأي، وتقول: دعه إلى ميسوره، أي: يسره. والمعنى: بأيكم الجنون.

والثاني: بأيكم المفتون بالفرقة التي أنت فيها، أم بفرقة الكفار؟ فيكون المعنى: في أي الفرقتين المجنون. وقد ذكر الفراء نحو ما شرحه الزجاج. وقد قرأ أبي بن كعب، وأبو عمران، وابن أبي عبلة: «في أي المفتون». ثم أخبر أنه عالم بالفريقين بما بعد هذا.

﴿ ٧