١٣

وفي معنى {سَبِّحِ} خمسة أقوال:

أحدها: قل سبحان ربي الأعلى، قاله الجمهور.

والثاني: عظم.

والثالث: صل بأمر ربك، روي القولان عن ابن عباس.

والرابع: نزه ربك عن السوء، قاله الزجاج.

والخامس: نزه اسم ربك وذكرك إياه أن تذكره وأنت معظم له، خاشع له ذكره الثعلبي.

وفي قوله تعالى: {ٱسْمَ رَبّكَ} قولان:

احدهما: أن ذكر الأسم صلة، كقول لبيد بن ربيعة:

الى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر

والثاني: أنه أصلي. وقال الفراء: سبح ربك و سبح اسم ربك سواء في كلام العرب.

قوله تعالى: {ٱلَّذِى خَلَقَ فَسَوَّىٰ} أي: فعدل الخلق. وقد أشرنا الى هذا المعنى في [الإنفطار:٧] {وَٱلَّذِى قَدَّرَ} قرأ الكسائي وحده «قَدَر» بالتخفيف

{فَهَدَىٰ} فيه سبعة أقوال:

أحدها: قدر الشقاوة والسعادة، وهدى للرشد والضلالة، قاله مجاهد.

والثاني: جعل لكل دابة ما يصلحها وهداها إليه، قاله عطاء.

والثالث: قدر مدة الجنين في الرحم ثم هداه للخروج، قاله السدي.

والرابع: قدرهم ذكورا وإناثا، وهدى الذكر لإتيان الأنثى، قاله مقاتل.

والخامس: أن المعنى قدر فهدى وأضل، فحذف «وأضل» لأن في الكلام دليلا على ذلك حكاه الزجاج.

والسادس: قدر الأرزاق وهدى إلى طلبها.

والسابع: قدر الذنوب وهدى إلى التوبة حكاهما الثعلبي.

قوله تعالى: {وَٱلَّذِى أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ} أي: أنبت العشب، وما ترعاه {البهائم} فجعله بعد الخضرة {فَجَعَلَهُ غُثَاء} قال الزجاج، أي: جففه حتى جعله هشيما جافا كالغثاء الذي تراه فوق ماء السيل.

وقد بينا هذا في سورة [المؤمنين:٤١]

فأما قوله تعالى: {أَحْوَىٰ} فقال الفراء: الأحوى: الذي قد اسود عن القدم، والعتق، ويكون أيضا: أخرج المرعى أحوى: أسود من الخضرة، فجعله غثاء كما قال تعالى: {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن:٦٤].

قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ} قال مقاتل: سنعلمك القرآن، ونجمعه في قلبك فلا تنساه أبدا.

قوله تعالى: {إِلاَّ مَا شَاء ٱللّه} فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: إلا ما شاء اللّه أن ينسخه فتنساه، قاله الحسن، وقتادة.

والثاني: إلا ما شاء اللّه أن تنسى شيئا، فإنما هو كقوله تعالى: {خَـٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ وَٱلاْرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ} [هود:١٠٧] فلا يشاء.

قوله تعالى: {إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ} من القول والفعل {وَمَا يَخْفَىٰ} منهما

{وَنُيَسّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ} أي: نسهل عليك عمل الخير {فَذَكّرْ} أي: عظ أهل مكة

{إِن نَّفَعَتِ ٱلذّكْرَىٰ} وفي «إن» ثلاثة أقوال.

أحدها: أنها الشرطية، وفي معنى الكلام قولان.

احدهما: إن قبلت الذكرى، قاله يحيى بن سلام.

والثاني: إن نفعت، وإن لم تنفع، قاله علي بن أحمد النيسابوري.

والثاني: أنها بمعنى «قد» فتقديره قد نفعت الذكرى، قاله مقاتل.

والثالث: أنها بمعنى «ما» فتقديره فذكر ما نفعت الذكرى، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: {سَيَذَّكَّرُ} سيتعظ بالقرآن

{مَن يَخْشَىٰ * وَيَتَجَنَّبُهَا} ويتجنب الذكرى

{ٱلاْشْقَى * ٱلَّذِى * يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ} أي: العظيمة الفظيعة لأنها أشد من نار الدنيا

{ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا} فيستريح {وَلاَ يَحْيَىٰ} حياة تنفعه وقال ابن جرير: تصير نفس أحدهم في حلقه، فلا تخرج متفارقه فيموت، ولا ترجع الى موضعها من الجسم فيحيا.

﴿ ١٣