١٩

قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ} قال الزجاج: أي: صادف البقاء الدائم، والفوز

{مَن تَزَكَّىٰ} فيه خمسة أقوال:

أحدها: من تطهر من الشرك بالإيمان، قاله ابن عباس.

والثاني: من أعطى صدقة الفطر، قاله أبو سعيد الخدري، وعطاء، وقتادة.

والثالث: من كان عمله زاكيا، قاله الحسن، والربيع.

والرابع: أنها زكوات الأموال كلها، قاله أبو الأحوص.

والخامس: تكثر بتقوى اللّه. ومعنى الزاكي: النامي الكثير قاله الزجاج.

قوله تعالى: {وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ} قد سبق بيانه [الأحزاب:٣١].

وفي قوله تعالى: {فَصَلَّىٰ} ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها: الصلوات الخمس قاله ابن عباس، ومقاتل.

والثاني: صلاة العيدين قاله أبو سعيد الخدري.

والثالث: صلاة التطوع قاله أبو الأحوص والقول قول ابن عباس في الآيتين، فإن هذه السورة مكية بلا خلاف، ولم يكن بمكة زكاة ولا عيد.

قوله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا} قرأ أبو عمرو، وابن قتيبة، وزيد عن يعقوب بل «يؤثرون» بالياء والباقون بالتاء، واختار الفراء والزجاج التاء، لأنها رويت عن أبي بن كعب. «بل أنتم تؤثرون» فإن أريد بذلك الكفار، فالمعنى: أنهم يؤثرون الدنيا على الآخرة، لأنهم لا يؤمنون بها وإن أريد به المسلمون، فالمعنى: يؤثرون الاستكثار من الدنيا على الاستحسان من الثواب، قال ابن مسعود: إن الدنيا عجلت لنا، وإن الآخرة نعتت لنا، وزويت عنا، فأخذنا بالعاجل وتركنا الآجل.

قوله تعالى: {وَٱلاْخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ} يعني الجنة أفضل

{وَأَبْقَىٰ} أي: أدوم من الدنيا.

{إِنَّ هَـٰذَا لَفِى ٱلصُّحُفِ ٱلاْولَىٰ}

في المشار إليه أربعة أقوال:

أحدها: أنه قوله تعالى {وَٱلاْخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} قاله قتادة.

والثاني: هذه السورة، قاله عكرمة، والسدي.

والثالث: أنه لم يرد أن معنى السورة في الصحف الأولى، ولا الألفاظ بعينها، وإنما أراد أن الفلاح لمن تزكى وذكر اسم ربه فصلى، في الصحف الأولى كما هو في القرآن، قاله ابن قتيبة.

والرابع: أنه من قوله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ}، إلى قوله وأبقى قاله ابن جرير. ثم بين الصحف الأولى ما هي فقال: {صُحُفِ إِبْرٰهِيمَ وَمُوسَىٰ} وقد فسرناها في [النجم:٣٦].

﴿ ١٩