|
٢٠ قوله تعالى: {فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ} قال أبو عبيدة: فلم يقتحم العقبة في الدنيا. وقال ابن قتيبة: فلا هو اقتحم العقبة. قال الفراء: لم يضم إلى قوله تعالى «فلا اقتحم العقبة» كلاما آخر فيه «لا» والعرب لا تكاد تفرد «لا» في الكلام حتى يعيدوها عليه في كلام آخر، كقوله تعالى: {فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ} [القيامة: ٣١] {وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٦٢] ومعنى «لا» مأخوذ من آخر هذا الكلام، فاكتفى بواحدة من الأخرى، ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة فقال: فك رقبة. {أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ} {ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} ففسرها بثلاثة أشياء. فكأنه كان في أول الكلام: فلا فعل ذا، ولا ذا. وذهب ابن زيد في آخرين الى أن المعنى: أفلا اقتحم العقبة؟ على وجه الاستفهام والمعنى: فهلا أنفق ماله في فك الرقاب والإطعام ليجاوز بذلك العقبة؟ٰ فأما الاقتحام فقد بيناه في [ص: ٥٩]. وفي العقبة سبعة أقوال: أحدها: أنه جبل في جهنم، قاله ابن عمر. والثاني: عقبة دون الجسر، قاله الحسن. والثالث: سبعون دركة في جهنم، قاله كعب. والرابع: الصراط، قاله مجاهد، والضحاك. والخامس: نار دون الجسر، قاله قتادة. والسادس: طريق النجاة، قاله ابن زيد. والسابع: أن ذكر العقبة هاهنا مثل ضربه اللّه تعالى لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في أعمال البر، فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة. يقول: لم يحمل على نفسه المشقة بعتق الرقبة والإطعام، ذكره علي بن أحمد النيسابوري في آخرين. قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ} قال سفيان بن عينية: كل ما فيه «وما أدراك» فقد أخبره به، وكل ما فيه «وما يدريك» فإنه لم يخبره به. قال المفسرون:المعنى: وما أدراك ما اقتحام العقبة؟ ثم بينه فقال تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، إلا عبد الوارث، والكسائي، والداجوني، عن ابن ذكوان «فَكَّ» بفتح الكاف «رَقَبَةَ» بالنصب «أوأطعم» بفتح الهمزة والميم وسكون الطاء من غير ألف. وقرأ عاصم، وابن عامر، ونافع، وحمزة «فَكُ» بالرفع «رقبة» بالخفض «أو إطعامُ» بالألف ومعنى «فك الرقبة» تخليصها من أسر الرق، وكل شيء أطلقته فقد فكَكَته. ومن قرأ «فَكَّ رقبَةَ» على الفعل فهو تفسير اقتحام العقبة بالفعل، واختاره الفراء، لقوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} قال ابن قتيبة: والمسغبة: المجاعة، يقال: سغب يسغب سغوبا: إذا جاع {يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ} أي: ذا قرابة {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} أي: ذا فقر كأنه لصق بالتراب. وقال ابن عباس: هو المطروح في التراب لايقيه شيء. ثم بين أن هذه القرب إنما تنفع مع الإيمان بقوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} و «ثم» هاهنا بمعنى الواو، كقوله تعالى: {ثُمَّ ٱللّه شَهِيدٌ} [يونس:٤٦]. قوله تعالى: {وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ} على فرائض اللّه وأمره {وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْمَرْحَمَةِ} أي: بالتراحم بينهم. وقد ذكرنا أصحاب الميمنة والمشأمة في [الواقعة:٧،٨] قال الفراء: والمؤصدة المطبقة. قال مقاتل: يعني أبوابها عليهم مطبقة، فلا يفتح لها باب، ولايخرج منها غم، ولا يدخل فيها روح آخر: الأبد، وقال ابن قتيبة: يقال: أوصدت الباب، وآصدته: إذا أطبقته. وقال الزجاج: المعنى: أن العذاب مطبق عليهم وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والكسائي، وأبو بكر، عن عاصم «موصدة» بغير همز هاهنا وفي [الهمزة:٨] وقرأ أبو عمرو، وحمزة، وحفص عن عاصم بالهمز في الموضعين. |
﴿ ٢٠ ﴾