٨٧{أولئك جزآؤهم أن عليهم لعنة اللّه والملئكة والناس أجمعين * خالدين فيها} والمعنى أنه تعالى حكم بأن الذين كفروا بعد إيمانهم يمنعهم اللّه تعالى من هدايته، ثم بين أن الأمر غير مقصور عليه، بل كما لا يهديهم في الدنيا يلعنهم اللعن العظيم ويعذبهم في الآخرة على سبيل التأبيد والخلود. واعلم أن لعنة اللّه، مخالفة للعنة الملائكة، لأن لعنته بالإبعاد من الجنة وإنزال العقوبة والعذاب واللعنة من الملائكة هي بالقول، وكذلك من الناس، وكل ذلك مستحق لهم بسبب ظلمهم وكفرهم فصح أن يكون جزاء لذلك وههنا سؤالان: السؤال الأول: لم عم جميع الناس ومن يوافقه لا يلعنه؟. قلنا: فيه وجوه الأول: قال أبو مسلم له أن يلعنه وإن كان لا يلعنه الثاني: أنه في الآخرة يلعن بعضهم بعضا قال تعالى: {كلما دخلت أمة لعنت أختها} (الأعراف: ٣٨) وقال: {ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا} (العنكبوت: ٢٥) وعلى هذا التقدير فقد حصل اللعن للكفار من الكفار والثالث: كأن الناس هم المؤمنون، والكفار ليسوا من الناس، ثم لما ذكر لعن الثلاث قال: {أجمعين} الرابع: وهو الأصح عندي أن جميع الخلق يلعنون المبطل والكافر، ولكنه يعتقد في نفسه أنه ليس بمبطل ولا بكافر، فإذا لعن الكافر وكان هو في علم اللّه كافرا، فقد لعن نفسه وإن كان لا يعلم ذلك. |
﴿ ٨٧ ﴾