٧٩

{كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}.

ثم أنه تعالى فسر المعصية والاعتداء بقوله

{كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه} وللتناهي هاهنا معنيان:

أحدهما: وهو الذي عليه الجمهور أنه تفاعل من النهي، أي كانوا لا ينهى بعضهم بعضا، روى ابن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "من رضي عمل قوم فهو منهم ومن كثر سواد قوم فهو منهم".

والمعنى الثاني في التناهي: أنه بمعنى الانتهاء.

يقال: انتهى عن الأمر، وتناهى عنه إذا كف عنه.

ثم قال تعالى: {لبئس ما كانوا يفعلون} اللام في {لبئس} لام القسم، كأنه قال: أقسم لبئس ما كانوا يفعلون، وهو ارتكاب المعاصي والعدوان، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فإن قيل: الانتهاء عن الشيء بعد أن صار مفعولا غير ممكن فلم ذمهم عليه؟

قلنا: الجواب عنه من وجوه:

الأول: أن يكون المراد لا يتناهون عن معاودة منكر فعلوه

الثاني: لا يتناهون عن منكر أرادوا فعله وأحضروا آلاته وأدواته.

الثالث: لا يتناهون عن الاصرار على منكر فعلوه.

﴿ ٧٩