٨٥

{فأثابهم اللّه بما قالوا جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها ...}

وفي مسائل:

المسألة الأولى: ظاهر الآية يدل على أنهم إنما استحقوا ذلك الثواب بمجرد القول لأنه تعالى قال: {فأثابهم اللّه بما قالوا} وذلك غير ممكن لأن مجرد القول لا يفيد الثواب.

وأجابوا عنه من وجهين:

الأول: أنه قد سبق من وصفهم ما يدل على إخلاصهم فيما قالوا، وهو المعرفة، وذلك هو قوله {مما عرفوا من الحق} (المائدة: ٨٣) فلما حصلت المعرفة والإخلاص وكمال الانقياد ثم انضاف إليه القول لا جرم كمل الإيمان.

الثاني: روى عطء عن ابن عباس أنه قال قوله {بما قالوا} يريد بما سألوا، يعني قولهم {فاكتبنا مع الشاهدين} (المائدة: ٨٣).

المسألة الثانية: الآية دالة على أن المؤمن الفاسق لا يبقى مخلدا في النار، وبيانه من وجهين:

الأول: أنه تعالى قال: {وذالك جزاء المحسنين} وهذا الإحسان لا بد وأن يكون هو الذي تقدم ذكره من المعرفة وهو قوله {مما عرفوا من الحق} (المائدة: ٨٣) ومن الاقرار به، وهو قوله {فأثابهم اللّه بما قالوا} وإذ كان كذلك، فهذه الآية دالة على أن هذه المعرفة، وهذا الاقرار يوجب أن يحصل له هذا الثواب، وصاحب الكبيرة له هذه المعرفة وهذا الاقرار، فوجب أن يحصل له هذا الثواب، فأما أن ينقل من الجنة إلى النار وهو باطل بالإجماع، أو يقال: يعاقب على ذنبه ثم ينقل إلى الجنة وذلك هو المطلوب.

الثاني: هو أنه تعالى قال:

﴿ ٨٥