٩وأما الثاني: فقوله {ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا} أي لجعلناه في صورة البشر. والحكمة فيه أمور: أحدها: أن الجنس إلى الجنس أميل. وثانيها: أن البشر لا يطيق رؤية الملك، وثالثها: ان طاعات الملائكة قوية فيستحقرون طاعة البشر، وربما لا يعذرونهم في الاقدام على المعاصي. ورابعها: أن النبوة فضل من اللّه فيختص بها من يشاء من عباده، سواء كان ملكا أو بشرا. ثم قال: {وللبسنا عليهم ما يلبسون} قال الواحدي: يقال لبست الأمر على القوم ألبسه لبسا إذا شبهته عليهم وجعلته مشكلا، وأصله من التستر بالثوب، ومنه لبس الثوب لأنه يفيد ستر النفس والمعنى أنا إذا جعلنا الملك في صورة البشر فهم يظنون كون ذلك الملك بشرا فيعود سؤالهم أنا لا نرضى برسالة هذا الشخص. وتحقيق الكلام أن اللّه لو فعل ذلك لصار فعل اللّه نظيرا لفعلهم في التلبيس، وإنما كان ذلك تلبيسا لأن الناس يظنون أنه بشر مع أنه ليس كذلك، وإنما كان فعلهم تلبيسا لأنهم يقولون للقومهم إنه بشر مثلكم والبشر لا يكون رسولا من عند اللّه تعالى. |
﴿ ٩ ﴾