١٠٦

قوله تعالى: {اتبع ما أوحى إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين}.

اعلم أنه تعالى لما حكى عن الكفار أنهم ينسبونه في إظهار هذا القرآن إلى الافتراء أو إلى أنه يدارس أقواما ويستفيد هذه العلوم منهم ثم ينظمها قرآنا ويدعي أنه نزل عليه من اللّه تعالى، أتبعه بقوله: {اتبع ما أوحى إليك من ربك}

لئلا يصير ذلك القول سببا لفتوره في تبليغ الدعوة والرسالة، والمقصود تقوية قلبه وإزالة الحزن الذي حصل بسبب سماع تلك الشبهة، ونبه بقوله: {لا إله إلا هو} على أنه تعالى لما كان واحدا في الإلهية فإنه يجب طاعته، ولا يجوز الإعراض عن تكاليفه بسبب جهل الجاهلين وزيغ الزائغين.

وأما قوله: {وأعرض عن المشركين} فقيل: المراد ترك المقابلة، فلذلك قالوا إنه منسوخ، وهذا ضعيف لأن الأمر بترك المقابلة في الحال لا يفيد الأمر بتركها دائما، وإذا كان الأمر كذلك لم يجب التزام النسخ.

وقيل المراد ترك مقابلتهم فيما يأتونه من سفه، وأن يعدل صلوات اللّه عليه إلى الطريق الذي يكون أقرب إلى القبول وأبعد عن التنفير والتغليظ.

﴿ ١٠٦