١١٧ثم قال تعالى: {إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} وفيه مسألتان: المسألة الأولى: في تفسيره قولان: الأول: أن يكون المراد أنك بعد ما عرفت أن الحق ما هو، وأن الباطل ما هو، فلا تكن في قيدهم بل فوض أمرهم إلى خالقهم، لأنه تعالى عالم بأن المهتدي من هو؟ والضال من هو؟ فيجازي كل واحد بما يليق بعمله. والثاني: أن يكون المراد أن هؤلاء الكفار وإن أظهروا من أنفسهم ادعاء الجزم واليقين فهم كاذبون، واللّه تعالى عالم بأحوال قلوبهم وبواطنهم، ومطلع على كونهم متحيرين في سبيل الضلال تائهين في أودية الجهل. المسألة الثانية: قوله: {إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله} فيه قولان: الأول: قال بعضهم {أعلم} ههنا بمعنى يعلم والتقدير: إن ربك يعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين. فإن قيل: فهذا يوجب وقوع التفاوت في علم اللّه تعالى وهو محال. قلنا: لا شك أن حصول التفاوت في علم اللّه تعالى محال. إلا أن المقصود من هذا اللفظ أن العناية بإظهار هداية المهتدين فوق العناية بإظهار ضلال الضالين، ونظيره قوله تعالى: {إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم وإن أسأتم فلها} فذكر الإحسان مرتين والإسارة مرة واحدة. والثاني: أن موضع {من} رفع بالابتداء ولفظها لفظ الاستفهام، والمعنى إن ربك هو أعلم أي الناس يضل عن سبيله {قال} وهذا مثل قوله تعالى: {لنعلم أي الحزبين أحصى وهذا قول: المبرد والزجاج والكسائي والفراء. |
﴿ ١١٧ ﴾