٧٨ثم قال تعالى: {ألم يعلموا أن اللّه يعلم سرهم ونجواهم} والسر ما ينطوي عليه صدورهم، والنجوى ما يفاوض فيه بعضهم بعضا فيما بينهم، وهو مأخوذ من النجوة وهو الكلام الخفي كأن المتناجيين منعا إدخال غيرهما معهما وتباعدا من غيرهما، ونظيره قوله تعالى: {وقربناه نجيا} (مريم: ٥٢) وقوله: {فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا} (يوسف: ٨٠) وقوله: {فلا تتناجوا بالإثم والعدوان وتناجوا بالبر والتقوى} (المجادلة: ٩) وقوله: {إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة} (المجادلة: ١٢). إذا عرفت الفرق بين السر والنجوى، فالمقصود من الآية كأنه تعالى قال: ألم يعلموا أن اللّه يعلم سرهم ونجواهم يكفي يتجرؤن على النفاق الذي الأصل فيه الاستسرار والتناجي فيما بينهم مع علمهم بأنه تعالى يعلم ذلك من حالهم كما يعلم الظاهر، وأنه يعاقب عليه كما يعاقب على الظاهر؟ ثم قال: {وأن اللّه علام الغيوب} والعلام مبالغة في العالم، والغيب ما كان غائبا عن الخلق. والمراد أنه تعالى ذاته تقتضي العلم بجميع الأشياء. فوجب أن يحصل له العلم بجميع المعلومات، فيجب كونه عالما بما في الضمائر والسرائر، فكيف يمكن الأخفاء منه؟ ونظير لفظ علام الغيوب ههنا قول عيسى عليه السلام: {إنك أنت علام الغيوب} (المائدة: ١١٦) فأما وصف اللّه بالعلامة فإنه لا يجوز لأنه مشعر بنوع تكلف فيها يعلم والتكلف في حق اللّه محال.  | 
	
﴿ ٧٨ ﴾