٥

{قال يابنى لا تقصص رءياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ...}.

في الآية مسائل:

المسألة الأولى: قرأ حفص {أو بنى} بفتح الياء والباقون بالكسر.

المسألة الثانية: أن يعقوب عليه السلام كان شديد الحب ليوسف وأخيه فحسده إخوته لهذا السبب وظهر ذلك المعنى ليعقوب عليه السلام بالأمارات الكثيرة فلما ذكر يوسف عليه السلام هذه الرؤيا وكان تأويلها أن إخوته وأبويه يخضعون له فقال لا تخبرهم برؤياك فإنهم يعرفون تأويلها فيكيدوا لك كيدا.

المسألة الثالثة: قال الواحدي: الرؤيا مصدر كالبشرى والسقيا والشورى إلا أنه لما صار اسما لهذا المتخيل في المنام جرى مجرى الأسماء.

قال صاحب "الكشاف": الرؤيا بمعنى الرؤية إلا أنها مختصة بما كان منها في المنام دون اليقطة فلا جرم فرق بينهما بحرفي التأنيث، كما قيل: القربة والقربى وقرىء روياك بقلب الهمزة واوا وسمع الكسائي يقرأ رياك ورياك بالإدغام وضم الراء وكسرها وهي ضعيفة.

ثم قال تعالى: {فيكيدوا لك كيدا} وهو منصوب بإضمار أن والمعنى إن قصصتها عليهم كادوك.

فإن قيل: فلم لم يقل فيكيدوك كما قال: {فكيدونى} (هود: ٥٥).

قلنا: هذه اللام تأكيد للصلة كقوله {للرؤيا تعبرون}، وكقولك نصحتك ونصحت لك وشكرتك وشكرت لك،

وقيل هي من صلة الكيد على معنى فيكيدوا كيدا لك.

قال أهل التحقيق: وهذا يدل على أنه قد كان لهم علم بتعبير الرؤيا وإلا لم يعلموا من هذه الرؤيا ما يوجب حقدا وغضبا.

ثم قال: {إن الشيطان للإنسان عدو مبين} والسبب في هذا الكلام أنهم لو أقدموا على الكيد لكان ذلك مضافا إلى الشيطان ونظيره قول موسى عليه السلام هذا من عمل الشيطان، ثم إن يعقوب عليه السلام قصد بهذه النصيحة تعبير تلك الرؤيا وذكروا أمورا:

﴿ ٥