٦٤

فلما قالوا ذلك قال يعقوب عليه السلام: { قال هل امنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل} والمعنى أنكم ذكرتم قبل هذا الكلام في يوسف وضمنتم لي حفظه حيث قلتم: {وإنا له لحافظون} (يوسف: ١٢) ثم ههنا ذكرتم هذا اللفظ بعينه فهل يكون ههنا أماني إلا ما كان هناك يعني لما لم يحصل الأمان هناك فكذلك لا يحصل ههنا.

ثم قال: {فاللّه خير حافظا وهو أرحم الرحمين} قرأ حمزة والكسائي {حافظا} بالألف على التمييز والتفسير على تقدير هو خير لكم حافظا كقولهم: هو خيرهم رجلا وللّه دره فارسا،

وقيل: على الحال والباقون: {حافظا} بغير ألف على المصدر يعني خيركم حفظا يعني حفظ اللّه لبنيامين خير من حفظكم، وقرأ الأعمش {فاللّه خير حافظا} وقرأ أبو هريرة رضي اللّه عنه {خير * حافظا وهو أرحم الرحمين}

 وقيل: معناه وثقت بكم في حفظ يوسف عليه السلام فكان ما كان فالآن أتوكل على اللّه في حفظ بنيامين.

فإن قيل: لم بعثه معهم وقد شاهد ما شاهد.

قلنا: لوجوه:

 أحدها: أنهم كبروا ومالوا إلى الخير والصلاح،

وثانيها: أنه كان يشاهد أنه ليس بينهم وبين بنيامين من الحسد والحقد مثل ما كان بينهم وبين يوسف عليه السلام،

وثالثها: أن ضرورة القحط أحوجته إلى ذلك،

ورابعها: لعله تعالى أوحى إليه وضمن حفظه وإيصاله إليه.

فإن قيل: هل يدل قوله: {فاللّه خير حافظا} على أنه أذن في ذهاب ابنه بنيامين في ذلك الوقت.

قلنا: الأكثرون قالوا: يدل عليه.

وقال آخرون: لا يدل عليه، وفيه وجهان:

 الأول: التقدير أنه لو أذن في خروجه معهم لكان في حفظ اللّه لا في حفظهم.

الثاني: أنه لما ذكر يوسف قال: {فاللّه خير حافظا} أي ليوسف لأنه كان يعلم أنه حي.

﴿ ٦٤