٦٦

{قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من اللّه لتأتننى به ...}.

اعلم أن الموثق مصدر بمعنى الثقة ومعناه: العهد الذي يوثق به فهو مصدر بمعنى المفعول يقول: لن أرسله معكم حتى تعطوني عهدا موثوقا به وقوله: {من اللّه} أي عهدا موثوقا به بسبب تأكده بإشهاد اللّه وبسبب القسم باللّه عليه، وقوله: {لتأتننى به} دخلت اللام ههنا لأجل أنا بينا أن المراد بالموثق من اللّه اليمين فتقديره: حتى تحلفوا باللّه لتأتنني به.

وقوله: {إلا أن يحاط بكم} فيه بحثان:

البحث الأول:قال صاحب "الكشاف": هذا الاستثناء متصل. فقوله: {إلا أن يحاط بكم} مفعوله له، والكلام المثبت الذي هو قوله: {لتأتننى به} في تأويل المنفي، فكان المعنى: لا تمتنعون من الإتيان به لعلة من العلل إلا لعلة واحدة.

البحث الثاني: قال الواحدي للمفسرين فيه قولان:

القول الأول: أن قوله: {إلا أن يحاط بكم} معناه الهلاك قال مجاهد: إلا أن تموتوا كلكم فيكون ذلك عذرا عندي، والعرب تقول أحيط بفلان إذا قرب هلاكه قال تعالى: {وأحيط بثمره} (الكهف: ٤٢) أي أصابه ما أهلكه.

وقال تعالى: {وظنوا أنهم أحيط بهم} (يونس: ٢٢) وأصله أن من أحاط به العدو وانسدت عليه مسالك النجاة دنا هلاكه، فقيل: لكل من هلك قد أحيط به.

والقول الثاني: ما ذكره قتادة {إلا أن يحاط بكم} إلا أن تصيروا مغلوبين مقهورين، فلا تقدرون على الرجوع.

ثم قال تعالى: {فلما ءاتوه موثقهم قال اللّه على ما نقول وكيل} يريد شهيد، لأن الشهيد وكيل بمعنى أنه موكول إليه هذا العهد فإن وفيتم به جازاكم بأحسن الجزاء، وإن غدرتم فيه كافأكم بأعظم العقوبات.

﴿ ٦٦