٦{وقالوا ياأيها الذى نزل عليه الذكر إنك لمجنون} اعلم أنه تعالى لما بالغ في تهديد الكفار ذكر بعده شبههم في إنكار نبوته. فالشبهة الأولى: أنهم كانوا يحكمون عليه بالجنون، وفيه احتمالات: الأول: أنه عليه السلام كان يظهر عليه عند نزول الوحي حالة شبيهة بالغشي فظنوا أنها جنون، والدليل عليه قوله: {ويقولون إنه لمجنون * وما هو إلا ذكر للعالمين} (القلم: ٥١، ٥٢) وأيضا قوله: {أو لم * يتفكروا ما بصاحبهم من جنة} (الأعراف: ١٨٤). والثاني: أنم كانوا يستبعدون كونه رسولا حقا من عند اللّه تعالى، فالرجل إذا سمع كلاما مستبعدا من غيره فربما قال له هذا جنون وأنت مجنون لبعد ما يذكره من طريقة العقل، وقوله: {إنك لمجنون} في هذه الآية يحتمل الوجهين. أما قوله: {وقالوا يأيها الذى نزل عليه الذكر إنك لمجنون} ففيه وجهان: الأول: أنهم ذكروه على سبيل الاستهزاء كما قال فرعون: {إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون} (الشعراء: ٢٧) وكما قال قوم شعيب: {إنك لانت الحليم الرشيد} (هود: ٨٧) وكما قال تعالى: {فبشرهم بعذاب أليم} (آل عمران: ٢١) لأن البشارة بالعذاب ممتنعة. والثاني: {وقالوا يأيها الذى نزل عليه الذكر} في زعمه واعتقاده، وعند أصحابه وأتباعه. |
﴿ ٦ ﴾