٧ثم حكى عنهم أنهم قالوا في تقرير شبههم: {لو ما تأتينا بالملئكة إن كنت من الصادقين} وفيه مسألتان: المسألة الأولى: المراد لو كنت صادقا في ادعاء النبوة لأتيتنا بالملائكة يشهدون عندنا بصدقك فيما تدعيه من الرسالة، لأن المرسل الحكيم إذا حاول تحصيل أمر، وله طريق يفضي إلى تحصيل ذلك المقصود قطعا، وطريق آخر قد يفضي وقد لا يفضي، ويكون في محل الشكوك والشبهات، فإن كان ذلك الحكيم أراد تحصيل ذلك المقصود، فإنه يحاول تحصيله بالطريق الأول لا بالطريق الثاني، وإنزال الملائكة الذين يصدقونك، ويقررون قولك طريق يفضي إلى حصول هذا المقصود قطعا، والطريق الذي تقرر به صحة نبوتك طريق في محل الشكوك والشبهات، فلو كنت صادقا في ادعاء النبوة لوجب في حكمة اللّه تعالى إنزال الملائكة الذين يصرحون بتصديقك وحيث لم تفعل ذلك علمنا أنك لست من النبوة في شيء، فهذا تقرير هذه الشبهة، ونظيرها قوله تعالى في سورة الأنعام: {وقالوا لولا أنزل * عليك * ملك ولو أنزلنا ملكا لقضى الامر} (الأنعام: ٨) وفيه احتمال آخر: وهو أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يخوفهم بنزول العذاب إن لم يؤمنوا به، فالقوم طالبوه بنزول العذاب وقالوا له: {لو ما تأتينا بالملئكة} الذين ينزلون عليك ينزلون علينا بذلك العذاب الموعود، وهذا هو المراد بقوله تعالى: {ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب} (العنكبوت: ٥٣) |
﴿ ٧ ﴾